الانتخابات البرلمانية في جورجيا 2020 .. كل ما تريد معرفته عن أهم حدث سياسي في جورجيا غدا
يخرج مواطني جورجيا غدا، لاختيار نوابهم، للدورة العاشرة من الانتخابات البرلمانية في جورجيا، ومن ثَم حكومتهم للأربعة سنوات القادمة، حيث نظام الحكم الحديث في جورجيا برلماني.
وفي هذا الصدد، يتسائل الكثيرون من العرب، والأجانب، المهتمين بالشأن الجورجي، عن أهمية تلك الانتخابات، لتكون الحدث السياسي الأضخم تأثيراً في جورجيا الحديثة منذ قيام ثورة الورود التي غيرت الخريطة السياسية للبلاد إلى الأبد.. والاجابة في التقرير الشامل التالي.
الانتخابات البرلمانية 2020 في جورجيا.. مفترق طرق
وفقا للنظام البرلماني المختلط، الذي يحكم دولة جورجيا منذ تعديلات الدستور في 2012، فإن البرلمان هو من يشكل الحكومة، ويحاسبها ويعزلها، وتمثل فيه الحكومة السلطة التنفيذية لنواب الشعب، بينما تتقلص سلطات رئيس الدولة لرسم السياسات الخارجية والبروتوكوليات الداخلية.
انتخابات بتلك الأهمية، وسط قيود فيروس كورونا القاسية، تضع عبئاً أكبر على الحكومة الحالية، ووزارة الصحة، ولجنة الانتخابات البرلمانية، لاجرائها في أجواء من الشفافية، وحفظ حقوق جميع المواطنين.
وبسبب فيروس كورونا، سترسل لجنة الانتخابات المركزية صناديق اقتراع محمولة للمصابين بفيروس كورونا والعزل الذاتي والتي حددتهم بـ 10.845 مواطن ممن لهم حق التصويت، وكانت هناك عوائق بيروقراطية كثيرة أمام تسجيل هؤلاء الناخبين، بالإضافة إلى ذلك، كان من الممكن التسجيل فقط حتى 27 أكتوبر، أي أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم بالفيروس بعد ذلك التاريخ لن يتمكنوا من التصويت.
ويُذكر أنه فور إعلان النتائج النهاية للانتخابات، على الحكومة الحالة تقديم استقالتها، وتتحول إلى حكومة تسيير أعمال، لحين انعقاد البرلمان الجديد، وتسمية رئيساً للوزراء جديد.
الانتخابات البرلمانية 2020 لها أهمية خاصة:
- إذا حقق حزب الحلم الجورجي، الذي حكم البلاد على مدى السنوات الثماني الماضية، نصرًا مقنعًا في 31 أكتوبر، فسيصبح أول حزب حاكم في جورجيا يتم انتخابه لولاية ثالثة.
- في الوقت نفسه، هناك احتمال كبير ألا تتمكن أي قوة سياسية من الحصول على أصوات كافية لتشكيل حكومة بمفردها، وبالتالي من المحتمل تشكيل حكومة ائتلافية تتألف من ممثلين عن أحزاب مختلفة. وهو مالم يحدث من قبل في جورجيا.
- ستكون هذه أول انتخابات برلمانية يتم فيها انتخاب برلمان في البلاد في ظل نظام يغلب عليه الطابع النسبي.
- حيث وفقا للتعديل الدستوري، سيتم انتخاب 120 نائبًا في البرلمان المؤلف من 150 مقعدًا بشكل نسبي، أي وفقًا للقوائم الحزبية، و 30 فقط في الدوائر الانتخابية الفردية.
- فيما سبق، كان يتم اختيار 77 نائباً من قبل القوائم الحزبية، و 73 نائباً عن طريق الدوائر ذات الأغلبية.
- تغيير مهم آخر هو أن العتبة الانتخابية في هذه الانتخابات البرلمانية 2020 هو 1% فقط من الأصوات، بدلاً من 5%. أي أن الحزب الذي يحصل على 1% من دعم الناخبين لديه فرصة للحصول على مقعد في البرلمان.
وهذا يعني أنه حتى الأحزاب الصغيرة لديها فرصة للدخول إلى الهيئة التشريعية، ونتيجة لذلك، يمكن أن ينتهي الأمر بالبلد إلى برلمان أكثر تنوعًا وتمثيلاً للشعب الجورجي، من أي وقت مضى.
أداء الكتلتين الأكبر تصارعا على السلطة منذ 2012
لا يخفى على أحد دور الحركة الوطنية في ريادة أحداث ثورة الورود عام 2003، بزعامة الرئيس الأسبق المنتهية ولايته في 2012، ميخائيل ساكاشفيلي. حتى ظهرت بعض بوادر الفساد على حكومته في قضايا رأي عام، أدت لخسارة حزبه “الحركة الوطنية” في انتخابات 2012، أمام حزب الحلم الجورجي الذي أسسه بدزينا إيفانشفيلي.
نتائج الانتخابات في جورجيا منذ 2012
من سيكون له الحق في تشكيل الحكومة الجديدة
بموجب التشريع الجديد، يمكن تشكيل حكومة من قبل حزب يحصل على 40.5٪ على الأقل من الأصوات في انتخابات نسبية. إذا كانت نتيجة الحزب أقل، فلن يكون قادرًا على تشكيل الحكومة بمفرده، حتى لو فاز بجميع الدوائر ذات الأغلبية.
ومع ذلك، لا تزال 40.5٪ لا تعني الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة. هذا هو 48 مقعدًا فقط، وتتطلب الموافقة على حكومة من 150 مقعدًا دعم أغلبية 76 مقعدًا.
أي أن الحزب الذي يتجاوز عتبة 40.5٪ سيحتاج إلى 28 مقعدًا إضافيًا لتشكيل الحكومة. يجب أن تحصل إما على 28 مقعدًا من الدوائر ذات الأغلبية، أو التفكير في تحالف مع حزب آخر.
ويُذكر ان خلافا دستوريا جوهريا بدأ يلوح من مساء الأمس 29 أكتوبر، حين أعلن تحالف قوى المعارضة بقيادة الحركة الوطنية، بأنه لن يشارك بأي حكومة ائتلافية، يكون بها حزب الحلم الجورجي!! رغم كل استطلاعات الرأي التي تؤكد بشكل متواتر، حصول الحلم الجورجي على أكبر عدد من الأصوات مقابل الأحزاب والتكلات الأخرى.
وتقول تحليلات بعض الساسة الأجانب والمحايدين أنه بالرغم من انخفاض شعبية حزب الحلم الجورجي، في أعقاب ما سمي “حملات لقمع الاحتجاجات” عقب أحداث البرلمان الجورجي في يونيو 2019، إلا أن نجاح إدارة الحكومة الحالية لإدارة وباء كورونا أعاد جزء كبير من ثقة المواطنين.
الكتل والأحزاب والقادة وتكتيكاتهم الانتخابية
أهم الأحزاب والتكتلات الرئيسية المشاركة بنشاط في الانتخابات البرلمانية 2020:
- يشارك في الانتخابات 48 حزبا وكتلتان انتخابيتان. وبحسب جميع استطلاعات الرأي، سيحصل حزب الحلم الجورجي الحاكم على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات النسبية. وتستند استراتيجية الحلم الجورجي لما قبل الانتخابات، كما في الانتخابات السابقة، إلى مهاجمة الحركة الوطنية المتحدة المعارضة وزعيمها الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي.
- ومثلما في الانتخابات السابقة، هذه المرة قبل أيام قليلة من الانتخابات، بدأت الحكومة تتحدث عن استعداد المعارضة لسلوك مشاغب، مشابها لتظاهرات ومحاولة اقتحام مبنى البرلمان في يونيو الماضي. حتى أن الداخلية أصدرت بيانا استباقيا اليوم تحذر فيه من الخروج عن الشرعية وانفاذ القانون. “عاجل | بيان وزارة داخلية جورجيا حول الانتخابات البرلمانية 2020 غدا“.
- النائب الأول على قائمة حزب الحلم الجورجي هو رئيس الوزراء الحالي جيورجي جاخاريا، ويقول الفريق الحاكم إنه في حال فوزه سيبقى رئيسا للوزراء.
- الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي، زعيم حزب الحلم الجورجي والحاكم غير الرسمي للبلاد، لا يشارك بنشاط في العملية الانتخابية هذه المرة. فقط في الفترة التي سبقت الانتخابات، حضر العديد من الأحداث الرئيسية، مثل تقديم أفضل عشرين من قائمة الحزب، إلخ. كما تجلت مشاركة إيفانيشفيلي في الانتخابات من خلال اللوحات الإعلانية التي علقت صورته في الشوارع.
- وجاءت الكتلة الانتخابية “الحركة الوطنية المتحدة – المعارضة المتحدة” في المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي. زعيم هذا التكتل هو الرئيس الثالث لجورجيا، ميخائيل ساكاشفيلي، الموجود حاليًا في أوكرانيا ، لكنه يشارك عن بُعد بنشاط في العمليات السياسية الحالية في جورجيا.
- تعهدت المعارضة بعودة ساكاشفيلي، ليكون رئيس وزراء جورجيا، ما آثار حنين مؤيديه للوقوف خلف الحركة الوطنية.
- يتحدث ساكاشفيلي على شاشة التلفزيون كل يوم تقريبًا، وهو نشط على موقع فيسبوك. قبل أيام قليلة من الانتخابات، تلقى المواطنون رسالة نصية قصيرة نيابة عن ساكاشفيلي، يخاطب فيها موظفي مؤسسات الميزانية، العاملون باللجنة المركزية للانتخابات، ويتعهد بأنه لن يطردهم إذا فاز حزبه بالأغلبية. حيث رصدت منظمة الشفافية الدولية في جورجيا بعض التجاوزات في تعيين لجنة الانتخابات البرلمانية 2020.
في ظل سيطرة الأغلبية.. هل المعارضة موحدة؟
لم تتوحد المعارضة في الانتخابات البرلمانية الأهم في كتلة واحدة، ولم تشكل ائتلافًا انتخابيًا، على الرغم من توصل معظم أحزاب المعارضة إلى اتفاقيات مهمة حول العملية الانتخابية والإجراءات التي يجب اتخاذها في حالة الفوز وتشكيل حكومة ائتلافية.
بينما يضم ائتلاف ما يسمى بـ “المعارضة المتحدة” حوالي ثلاثين حزبًا كبيرًا وصغيرًا، من بينهم (الحركة الوطنية ، جورجيا الأوروبية، حزب العمل، جيرشي، إلخ.
توصلت المعارضة إلى عدة اتفاقيات مهمة:
- رشحت المعارضة مرشحين مشتركين في جميع المناطق ذات الأغلبية في تبليسي.
- بالنسبة للأقاليم – هنا لكل حزب مرشح خاص به، لكنهم اتفقوا على دعم بعضهم البعض في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية في حالة الإعادة. ووقعوا إعلانا يؤكدان فيه أنهما سيدافعان عن أصوات بعضهما البعض في الانتخابات.
- وافقت المعارضة على البدء بإعادة تنظيم النظام القضائي في حال وصوله إلى السلطة، وكذلك إجراء إصلاحات اقتصادية.
باي حال، الأمر ليس بتلك البساطة. ففي حالة ظهور قضية تشكيل حكومة ائتلافية، سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق. ظهرت الخلافات الأولى بين أحزاب المعارضة، في مسألة تسمية المرشح لرئاسة الوزراء.
حيث قدمت الحركة الوطنية المتحدة ميخائيل ساكاشفيلي كمرشح لرئاسة الوزراء وهو أمر غير مقبول للعديد من أحزاب المعارضة، على سبيل المثال، لحزب أتباعه السابقين – جورجيا الأوروبية – وغيرها. كما رشح جيورجي فاشادزي، مؤسس حزب إستراتيجي أغماشينيبيلي، نفسه لمنصب رئيس الوزراء.
بشكل عام، تعتبر معظم الأحزاب أنه من السابق لأوانه الحديث عن مرشحين لمنصب رئيس الحكومة قبل إعلان النتائج النهائية للجولة الأولي، على الأقل، من الانتخابات البرلمانية 2020.
هل هناك أحزاب موالية لروسيا؟
لم يقل أي من الأحزاب الـ 48 والكتلتين المشاركة في الانتخابات علانية أن على جورجيا ربط مستقبلها بروسيا والعودة إلى فلكها. ومع ذلك ، هذا لا يعني أنه لا توجد قوات موالية لروسيا في البلاد.
تحالف الوطنيين، برئاسة إيرما إيناشفيلي، هو الأكثر شعبية بين الأحزاب الموالية لروسيا. وفقًا لاستطلاعات الرأي المختلفة ، حصل هذا الحزب على نسبة تتراوح من ثلاثة إلى خمسة بالمائة.
هذا الحزب لا يشارك في اتحاد المعارضة، وكما يقول الخبراء، فهو تابع للحكومة. وإذا احتاجت السلطات إليها، فسوف تساعد في تشكيل حكومة ائتلافية.
نشرت Dossier، وهي منصة صحفية استقصائية أسسها زعيم المعارضة الروسية ميخائيل خودوركوفسكي، وثائق تزعم أن تحالف الوطنيين ممول من روسيا ، وأن حملته الانتخابية مخططة من قبل أشخاص مرتبطين بالسلطات الروسية يقدمون تقارير إلى هياكل الدولة .
يقول الخبراء إن هذا الحزب يتميز بخطابه المناهض للغرب والمناهض لتركيا قبل الانتخابات من أجل صرف الانتباه عن التهديد الروسي.
على سبيل المثال ، تصور إحدى اللافتات الانتخابية للحزب خريطة لجورجيا ، تم تمييز منطقة أدجارا عليها بنفس لون أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ، اللتين تعتبران محتلتين. ظهرت على لوحة الإعلانات ثلاثة أسهم تشير إلى تركيا ، وحث النص المواطنين على “حماية أدجارا”.
المصدر: هلا جورجيا - مواقع حكومية واخبارية