عيد الفصح 2020 .. بين آلام المسيح وآلام كورونا التي تزداد مع إغلاق الكنائس
عيد الفصح هو أعظم الأعياد في جورجيا والدول المسيحية، حتى أنه يُطلق عليه اسم “العيد الكبير”، فيما يطلق على عيد الميلاد “العيد الصغير”، ويحل هذا العام على المسيحيين الشرقيين والغربيين وسط أزمة تفشي فيروس كورونا.
الكنائس في جميع أنحاء العالم وفي جورجيا لن تكون قادرة على فتح أبوابها أمام المصلين في أهم عيد عند معتنقي الديانة المسيحية، ولا يستطيع الناس الخروج من منازلهم للمشاركة في الطقوس الدينية مثل كل عام، بسبب سياسات الإغلاق و تدابير الحجر الصحي وحظر التجول في معظم دول العالم.
عيد الفصح .. وذكرى آلام المسيح
يرتبط عيد الفصح بحادثة قيامة السيد المسيح من بين الأموات بعد صلبه وموته في العام 30 أو 33 ميلادي، حسب ما ورد في كتب الإنجيل، ويعتقد المسيحيين أن السيد المسيح تم صلبه وتوفي، لكنه بعد ذلك خرج من القبر مجددا بعد أن ذاق أشد ألوان العذاب خلال صلبه، ولذلك يطلق على عيد الفصح اسم “عيد القيامة” لأن المسيح قام من بين الأموات.
ويتزامن عيد الفصح مع حلول فصل الربيع الذي يرمز إلى العودة إلى الحياة بالنسبة للنباتات والأشجار وانتهاء الأيام الباردة، وبالنظر إلى رمزية الحياة الجديدة والبعث الجديد، كان من الطبيعي الاحتفال بقيامة المسيح في هذا الوقت من العام.
تقويم عيد الفصح .. بين الشرق والغرب
كان المسيحيون يحيون عيد الفصح وفق التقويم اليهودي، وفي القرن الرابع الميلادي قرر مجمع نيقية المسيحي الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين عدم اتباع تقليد أو حساب اليهود، وأقر المجمع حسابات كنيسة الإسكندرية في المقابل لمعرفتها بالعلوم الفلكية.
حاليا، يختلف موعد عيد الفصح من عام لآخر كما يختلف بين الكنائس الشرقية والغربية، وتحتفل الكنائس الشرقية بعيد الفصح في أول يوم أحد بعد اكتمال القمر في الاعتدال الربيعي، ويتحرك تاريخ العيد الذي يلي الصوم الكبير بين يومي 4 أبريل إلى 8 مايو لدى الكنائس الشرقية التي تعتمد التقويم اليولياني، ويصادف هذا العام يوم 19 أبريل.
أما الكنائس الغربية المعتمدة على التقويم الغريغوري، فينحصر نطاق العيد لديها بين 22 مارس وحتى 25 أبريل، ويصادف هذا العام 12 أبريل، وأحيانا يصادف احتفال الكنائس الشرقية والغربية بعيد الفصح في اليوم ذاته كما حدث في عام 2017، و2014 و2011 و2010.
الصوم الكبير .. 6 أسابيع من التوبة
يسبق الصوم الكبير عيد الفصح بحوالي 6 أسابيع ويستمر نحو 55 يوما تبدأ من يوم الإثنين حسب الطقس الشرقي، ومن يوم الأربعاء حسب الطقس الغربي، والغرض التقليدي من الصوم الكبير هو إعداد المؤمن من خلال الصلاة، والتوبة من الذنوب، والصدقة، وتمارس الكنائس طقوسا خاصة خلال تلك الفترة.
وتتنوع تقاليد الصوم الكبير في العالم المسيحي بين الامتناع عن الطعام لساعات محددة أو الامتناع عن ألوان محددة من الطعام، وتفرض الكنائس الأرثوذكسية الشرقية انقطاع عن اللحوم لمدة 40 يوما، في حين أن الكنائس الرومانية الكاثوليكية وغيرها من الكنائس المسيحية الغربية تفرض على أتباعها الانقطاع عن اللحوم ومنتجات الحليب والأجبان يومي الأربعاء والجمعة.
ويسمى الأسبوع الأخير من الصوم الكبير “أسبوع الآلام” لأن المسيحيين يستذكرون فيه آلام السيد المسيح ومعاناته.
الطقوس الدينية في عيد الفصح
تبدأ مراسم الاحتفال بعيد الفصح المجيد في كل عام في أسبوع الآلام، ويكرس يوم الجمعة الأخير من الصوم “الجمعة العظيمة” لذكرى آلام المسيح، وتقام مسيرة في طريق الآلام، يحمل فيها شخص صليبا كبيرا يمثل مسيرة آلام المسيح ويسير خلفه حشد كبير من المشاركين حاملين الشموع المضاءة والمرتلين للصلوات.
وتقام صلاة العيد عصر يوم السبت، وفي منتصف الليل يقام قداس عيد القيامة ويتم إشعال شمعة كبيرة في ليلة سبت النور، وتنشد الترانيم وتقرأ أجزاء من العهد القديم من الكتاب المقدس، ويستمر قداس سبت النور حتى الساعات الأولى من يوم الأحد، وتُختتم فعاليات قداس الفصح بترنيمة تقول إن المسيح “قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور”.
جورجيا تحتفل بعيد القديس سان جورج ” مارجرجس ” في تبليسي
يسبق نهار العيد تحضيرات كثيرة كتنظيف المنزل وتزيينه بزينة العيد، ويتم إعداد أو شراء كعك العيد والحلويات والشوكولاته، ويمثل العيد فرصة لالتقاء الأقارب والأصدقاء في بيت العائلة الكبير ويهنئون بعضهم بالعيد بعبارة “عيد قيامة مجيد”.
ويتجمع الأقارب والأصدقاء على مائدة عشاء عيد الفصح، التي يتكفل صاحب المنزل بإعدادها بعناية تامة، ويجب أن تشمل المائدة على اللحم والنبيذ وأنواع مختلفة من المخبوزات، إلى جانب الحلويات والشوكولاتة.
وفي اليوم التالي “يوم الإثنين” يزور الناس المقابر لإحياء ذكرى الموتى، ويضعون على قبورهم أزهار حمراء وبيض مصبوغ باللون الأحمر.
ما قصة البيض الملون في عيد القيامة؟
يحرص المسيحيين على تزيين موائد عيد الفصح بالبيض الملون، وتستخدمه المتاجر أيضا لتزيين واجهتها مع اقتراب العيد، وكان الناس يستخدمون بيض الدجاج للزخرفة والتلوين بألوان الربيع الزاهية، أما حاليا تم الاستعاضة عن بيض الدجاج ببيض بلاستيكي أو بيض مصنوع من الشوكولا يتم تغليفه بطبقة رقيقة من القصدير المزركش.
ويرتبط البيض الملون في التقليد الأرثوذكسي المسيحي بالقديسة مريم المجدلية تلميذة المسيح، التي رأت قيامة المسيح من بين الأموات بعد محاكمته وصلبه، وذهبت إلى القيصر لتحكي له ما شاهدت، فقال لها القيصر “لو أن البيض يصير أحمر أصدق أن المسيح قام من بين الأموات”، عندها أخذت ماري المجدلية بيضة وقالت “المسيح قام” وتحول لون البيض إلى أحمر.
وتتبع الكنيسة الأرثوذكسية تقليد تلوين البيض في عيد الفصح تأكيدا على قيامة المسيح، ومثلما يشق فرخ الدجاج البيضة ويخرج إلى الحياة، فإن المسيح شق القبر وخرج من بين الأموات، كما أن موعد العيد الكبير يتوافق ذروة الإخصاب عند الطيور مع انتهاء الشتاء وبداية الربيع.
عيد الفصح المسيحي .. واليهودي
يرتبط عيد الفصح عند المسيحيين بآلام المسيح ومعاناته وما لقيه من أذى وصلبه وقيامه من الموت، فيما يرمز عيد الفصح عند اليهود إلى خروج بني إسرائيل من مصر وتحررهم من العبودية بعد طريق شاق ومعاناة طويلة.
ويطلق اليهود اسم “بيتساح” على عيد الفصح، ويعني في العبرية العبور أو الاجتياز، وهو واحد من ثلاثة أعياد يهودية وردت في التوراة، ويحرص اليهود على صيام اليوم السابق لعيد الفصح.
وإلى جانب الأهمية الدينية لعيد الفصح عند اليهود، يمثل هذا العيد لهم أهمية وطنية ورمزا للحرية ووحدة الشعب اليهودي، بعد أن قضوا 40 عاما في الترحال بسيناء.
أكثر ما يميز عيد بيتساح هو امتناع اليهود عن أكل الخبز أو أي نوع من الأطعمة المصنوعة من العجين المختمر، وبدلاً من الخبز يأكلون الفطير غير المختمر المخبوز للعيد بشكل خاص، وهذا التقليد يرمز لاستعجال بني إسرائيل عند خروجهم من مصر حيث لم يتمكنوا من انتظار العجين ليختمر عندما أعدوا مؤونتهم، “حسب سفر الخروج”.
بسبب كورونا كنيسة القيامة مغلقة و الفاتيكان خاوية
كنيسة القيامة هي المكان التي دُفن فيها السيد المسيح بعد أن صلبه الرومان حسب المعتقدات المسيحية، وتستقبل الكنيسة سنويا عشرات الآلاف من الزوار خلال عيد القيامة، إلا أنها هذا العام تشهد إغلاقا هو الأول من نوعه منذ 100 عام.
هذا العام، لم تستقبل الكنيسة التي تقع في مدينة القدس المحتلة، الزوار بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الكنيسة والأماكن الدينية الأخرى أمام الوافدين، بسبب إجراءات الحجر الصحي المشددة في إسرائيل.
شاهد بالفيديو | تقرير فرانس 24 حول عيد القيامة في القدس:
والحال مشابه في ساحة الفاتيكان التي اعتادت على مشاركة آلاف الحجاج من جميع أنحاء العالم في المسيرة الدينية يوم الجمعة العظيمة، قرب أسوار الكولوسيوم الروماني، فهذا العام لا صلاة ولا أدعية كالمعتاد بسبب تفشي جائحة كورونا.
وقضت التدابير المشددة لمكافحة فيروس كورونا على أجواء الاحتفال بعيد الفصح وغيره من الأعياد سواء المسيحية أو غير المسيحية في شتى أنحاء العالم، واضطر المليارات من السكان إلى الاحتفال وحدهم أو مع من يعيشون معهم في منزل واحد في المناسبات والأعياد التي مرت منذ مطلع العام الجاري.
شاهد بالفيديو | تقرير الفاتيكان “عبر منصة يوتيوب” لصلاة عيد الفصح :
تابع أيضاً : عيد الأم في جورجيا والعالم .. ولماذا تحتفل جورجيا بيوم الأم في 3 مارس؟
المصادر : تقارير هلا جورجيا - ويكيبيديا
