رمضان 2020 في زمن الكورونا

رمضان زمان (14) .. الست أصيلة 2 | سلسلة رمضان زمان

حلاوة زمان سلسلة حصرية تأخذنا في حنين لذكريات أيام زمان، يكتبها لنا في رمضان هذا العام المهندس المصري عاشق الأدب والتراث “صلاح أبو الليل” وحلقة اليوم عن “الست أصيلة”


حلاوة زمان – 3 – الست أصيلة

نرجع تاني لحكاية الست أصيلة .. و بكرر إنها شخصية حقيقية ولدت في أوائل القرن الماضي و توفيت منذ سنوات قليلة عن عمر تخطي التسعون عاما … شهدت هذه السيدة الفاضلة التي لم تكن تجيد القراءة او الكتابة العديد من العهود الزمنية .. بداية من عهد الملك فؤاد مرورا بعهد الملك فاروق … ثم ثورة يوليو و انهيار الملكية … ثم حكم محمد نجيب و عبد الناصر .. العدوان الثلاثي و النكسة … عهد السادات و حرب أكتوبر المجيدة … عهد مبارك … و قد توفيت بعد ثورة يناير … لذلك أري فيها دائما ذاكرة مصر و حافظة الأحداث الهامة في تاريخنا المعاصر 

كذلك أرجو ملاحظة إن حكايات الست أصيلة يشوبها العديد من الاختلافات عن الواقع و ذلك بسبب خصوصية عائلتها و كذلك أضفت اليها العديد من المواقف التي قد تكون من خيالي او من حصيلة خبراتي مع شخصيات أخري مشابهة .

رمضان زمان (14) .. الست أصيلة 2 | سلسلة رمضان زمان 1

نعود لحكايتنا … عاصرت الست أصيلة عندما طلب مني أحفادها و معظمهم أصدقائي أن أقوم بمهمة إعادة تشطيب شقتها و التي مضي عليها زمن طويل دون اي تجديدات .. و في صباح احدي أيام الجمعة .. عزمت النية و قصدت بيتها بالقرب من جامع ابن طولون الشهير .. و نويت الصلاة هناك بالجامع العتيق بعد إنهاء زيارتي لها .

استقبلتني السيدة التي اتشحت بالثياب السوداء و طرحة راس تكشف عن شعرها الأبيض المعبر عن خبرات السنين و عن أهوال ما مرت به في حياتها … ” تشرب أيه ؟ شاي و لا قهوة ؟ أجيبك كازوزة ؟ “، طبعاً اللى ميعرفش الكازوزوة (دي يعني المياه الغازية .. البيبسي والكوكاكولا وغيره ، ودي ليها حكاية تانية خالص ، هنرجعلها ف وقتها). منتهي الضيافة و الكرم … و بساطة البيت و صاحبة البيت … امرأة تراها ف تحس انك تعرفها منذ زمن 

شرحت لها أن مهمتي صعبة .. لان البيت ملئ بالفرش و الأمتعة … و إنني احتاج أن تخلي لي البيت تماما … ابتسمت ثم قلت في حدة و قوة … ” معلش بقي يا ابني .. تعبتك … بيت ايه اللي افضيه ؟؟ … ده الدولاب اللي قصادك ده متفتحش من يوم سبوع حفيدتي ” نيفين ” و هي عروسه بقالها سنتين … اتكل علي الله … مش هينفع افضي البيت

و لأنني لم اكن بعد قد تعلقت بهذه السيدة فقد كان من السهل جدا علي الانسحاب دون أي اسف ” اصلها مش ناقصه وجع قلب ” … ودعتني عند باب الشقة قائلة ” سلم لي ع اللي عندك ” .. تقصد أهلي و أصدقائي و أحبتي .. و هي جمله مازالت تستخدم الي الان و تعني ” سلامي لجميع من عندك ” .. و عند منتصف السلم الضيق البالي سمعت صوتها يعلو ” خلي بالك من السلمة المكسورة … أنت رايح فين ؟؟ عارف سكتك و لا اوصفلك ؟؟ ” طمأنتها إني بخير و أري طريقي جيدا في ظلمة السلم.

مأذنة جامع أحمد ابن طولون
مأذنة جامع أحمد ابن طولون

تركتها وذهبت الي جامع ابن طولون حيث المأذنة الملوية “ كما يطلق عليها أبناء المنطقة .. و التي احرص علي الصعود اليها في كل زيارة لذلك المكان العتيق … أري بانوراما كاملة للجزء القديم من القاهرة ..

حيث كانت هذه المنطقة عاصمة الدولة الطولونية و عرفت بـ ” القطائع ” حيث كانت مقسمه إلي قطاعات تحوي كل منها جنسية او مجموعة من السكان .. منطقة للشوام و اخري للمغاربة .. و هكذا .. ، قصة جامع ابن طولون حكاية غريبة عجيبة .. بكرة نحكيها وللقصة بقية ..

وللغد صيام آخر .. والليلة سحور جديد .. أقعدوا بالعافية

المصدر : هلا جورجيا - ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى