جورجيا أم هولندا .. في زمن فيروسات كورونا أين كنت تفضل أن تكون الآن؟
غزت فيروسات كورونا العالم ومن بينهم جورجيا و هولندا، في وقت قياسي لا يزيد عن 3 أشهر، وخلال تلك الفترة أثبتت دول عدة قدرتها النسبية في التعامل مع أسوأ أزمة منذ الحرب العالمية الثانية، فيما سقطت دول لطالما كانت نموذجا يحتذى به في وقت الأزمات والكوارث..
تبرهن الأزمة الراهنة أن تقدم الدول وثرائها لا يعد معيارا دقيقا لقياس قدرتها على التعامل مع فيروس كورونا، فعلى سبيل المثال أظهرت جورجيا التي لا تزال في طور النمو قدرة عالية في التعامل مع عدوى كورونا، في حين فشلت كثير من الدول الأوروبية المتقدمة والغنية في السيطرة على الفيروس، ما يدفعنا للتساؤل، أيهما أفضل للعيش في زمن كورونا، جورجيا أم الدول المتقدمة الغنية؟
للإجابة على هذا السؤال سنعقد مقارنة بين جورجيا و هولندا في التعامل مع فيروسات كورونا، وسنتتبع إجراءات البلدين اللذين ظهرت فيهما أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا قبل نحو شهر.
إجراءات ما قبل وصول فيروسات كورونا في جورجيا و هولندا
في وقت مبكر من الأزمة العالمية، اتخذت جورجيا إجراءات قوية لاكتشاف حالات الإصابة بفيروس كورونا والحد من انتشاره، واتبعت تدابير استباقية عامة مثل تحسين النظافة في الأماكن العامة في وقت أبكر بكثير من العديد من البلدان الغربية، وقامت بإجراءات مشددة في المطارات والمعابر الحدودية لفحص جميع الوافدين والتأكد من خلوهم من فيروس كورونا، وأوقفت الرحلات الجوية مع الصين منذ البداية، وزادت من إجراءات الحيطة والحذر في التعامل مع البؤر الساخنة كإيران وإيطاليا.
كما سارعت جورجيا إلى تأمين عودة مواطنيها المقيمين في المناطق عالية الخطورة فيما يتعلق بانتشار فيروس كورونا، وكانت من أوائل الدول التي جلبت مواطنيها من الصين عبر رحلات جوية، وتتبعت عودتهم بدقة عبر المنافذ البرية، وشددت على إجراءات إخضاع المواطنين العائدين والبالغ عددهم 3000 شخص للفحوصات والحجر الصحي.
في المقابل، كانت هولندا في البداية تزعم أن فرصة وصول الفيروس القاتل إليها تساوي صفرا؛ نظرا لعدم وجود رحلات جوية مباشرة من مدينة ووهان الصينية، وعلى هذا الأساس ظلت السلطات الهولندية بحالة تريث نسبية في التعامل مع العدوى إلى أن ظهرت أول حالة إصابة بالفيروس على أراضيها أواخر فبراير المنصرم.
إجراءات ما بعد وصول فيروسات كورونا في جورجيا و هولندا
ظهرت أول حالات الإصابة بفيروس كورونا في كل من جورجيا وهولندا في 26 فبراير الماضي، وكان تزايد عدد الحالات في جورجيا بطيئا جدا مقارنة مع هولندا، واليوم تبلغ حالات الإصابات المؤكدة في جورجيا 67، ولم تسجل أي حالة وفاة في البلاد، في حين سجلت هولندا أكثر من 5500 حالة إصابة، و 276 حالة وفاة.
جورجيا قررت حظر دخول الأجانب اعتبارا من 18 مارس الجاري، وبعد 3 أيام أعلنت حالة الطوارئ في البلاد وكثفت من الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس، وأوقفت جميع الرحلات الجوية باستثناء رحلات تنظمها الدولة بشكل مجدول.
أما هولندا ظلت في حالة من التريث النسبية بالمقارنة مع جورجيا حتى بعد ظهور أول حالة إصابة، ولم ترفع الحكومة من حالة التأهب والاستعداد لمنع انتشار فيروس كوفيد-19 في البلاد، لتفقد بعد فترة وجيزة السيطرة على تفشي المرض، ما دفع رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي،إلى القول إن غالبية السكان في هولندا سيصابون بفيروس كورونا.
ما يثير الاستغراب أن الفجوة بين جورجيا وهولندا التي تمتلك خامس أقوى اقتصاد بمنطقة اليورو ليست في الثراء فقط، بل هناك فجوة واسعة على صعيد الأمن الصحي، ففي حين تتربع هولندا بين أفضل الدول في المرتبة الثالثة على مؤشر الأمن الصحي، في حين تأتي جورجيا في المرتبة الـ 42 عالميا.
ختاما، يمكننا القول إنه على الرغم من محدودية إمكانيات جورجيا إلا أنها أثبتت تفوقها على كثير من الدول المتقدمة خلال أزمة كورونا العالمية، حتى أنها نالت إشادات أممية ودولية واسعة، لنتأكد أن الثراء لا يضمن سياسة آمنة وفعالة في وقت الأزمات البيولوجية على الأقل.
المصدر : هلا جورجيا - إنتل نيوز