باكو تشكر وساطة تبليسي من أجل السلام في القوقاز! فما قصة الحرب بين أرمينيا وأذربيجان؟
قال أرشيل تالاكفادزه، نائب رئيس برلمان جورجيا، مساء الثلاثاء 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن الحكومة الأذربيجانية “تقدر” مبادرة رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي غاريباشفيلي للتوسط في محادثات السلام مع أرمينيا لحل نزاعهما الطويل الأمد حول منطقة ناغورنو كاراباخ.
أذربيجان تشكر جورجيا لتوسطها في حل نزاعها مع أرمينيا
وسلط تالاكفادزه الضوء على “التعامل الإيجابي” مع كبار المسؤولين الأذربيجانيين في باكو خلال زيارة وفد برلماني جورجي برئاسة رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي، وشدد على “الدور الحاسم للصداقة والتعاون” بين الدولتين في “تشكيل مستقبل” المنطقة.
وقال وفقاً لما ذكرته وكالة Agenda الجورجية الحكومية: “تلتزم الحكومتان بتعزيز شراكتنا الاستراتيجية لصالح شعبينا، وجورجيا تدعم السلام طويل الأمد في المنطقة ومستعدة للمساهمة في المفاوضات والاتفاقات في المستقبل”.
وأضاف النائب أن المنطقة “تحتاج إلى هذا الاتفاق [من أجل السلام بين باكو ويريفان]، وجورجيا مستعدة للعب دورها، حيث يقوم رئيس الوزراء ومكتبه بتيسير المحادثات بشكل فعال”.
وقال أيضاًً إن “المجالات الرئيسية” بما في ذلك المشاريع الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية والعلاقات التجارية والسياحة “تعتمد بشكل كبير” على العلاقات الثنائية القوية بين أذربيجان وجورجيا، وأعرب عن امتنانه لباكو لدعمها التكامل الأوروبي لجورجيا.
وأشار كذلك إلى أن التكامل الأوروبي لجورجيا “يخدم مصالح المنطقة بأكملها، بما في ذلك أذربيجان، وسيعزز بلا شك مواقفنا في الساحة السياسية الدولية”.
قصة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان
بدأت الصراعات بين أرمينيا وأذربيجان عقب استقلالهما عن الإمبراطورية الروسية يوم 28 مايو/أيار 1918، فدخلتا في نزاعات إقليمية حول الأراضي التي ترى كل منهما أنها ملك لها تاريخيا وعرقيا، وأهمها إقليم ناغورني قره باغ.
ووفقاً لما ذكره موقع “الجزيرة نت” استمرت الصراعات بين أرمينيا وأذربيجان بين عامي 1918 و1920، لكن هذه الصراعات سرعان ما توقفت بعد انضمامهما إلى الاتحاد السوفياتي سنة 1922.
وسرعان ما عادت تلك الصراعات إلى الاشتعال مرة أخرى مباشرة بعد الإعلان عن تفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1991، مسفرة عن حروب دامية بين البلدين خلفت آلاف القتلى ومئات الآلاف من السكان النازحين، مما تسبب في أزمة سياسية كبيرة امتدت لأكثر من قرن.
وجاء ذلك رغم الوساطات الدولية والمحاولات العديدة التي قامت بها مجموعة مينسك (نسبة إلى عاصمة بيلاروسيا التي تم فيها التفاوض)، والتي أنشئت خصيصا سنة 1992 لحل نزاع إقليم ناغورني قره باغ بين أرمينيا وأذربيجان، وتكونت من 17 دولة برئاسة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة.
تتجسد أسباب الصراع بين الجارتين -اللتين تقعان على مفترق طرق رئيسي بين أوروبا الشرقية وآسيا الغربية- حول منطقة انفصالية تعرف باسم “ناغورني قره باغ”، وتحاول كل منهما بسط سيطرتها على الإقليم الذي ظل لعقود طويلة مسرحا للتنافس على النفوذ بين المسيحيين الأرمن والمسلمين الترك والفرس.
يتكون اسم هذا الإقليم من مقطعين هما “ناغورني” وتعني باللغة الروسية “الجبلية”، و”قره باغ” وتعني باللغة التركية “الحديقة السوداء”، لكن الأرمن يطلقون على الإقليم اسم “آرتساخ” ومعناها “غابة آر”، و”آر” هو “إله الشمس” عند الأرمن القدماء.
هذه المنطقة الجبلية -التي تبلغ مساحتها نحو 4400 كيلومتر مربع وتسكنها أغلبية عرقية أرمينية محلية- لطالما كانت تشكل جزءا من أذربيجان السوفياتية، لكن في سنة 1987 أطلق السكان الأرمن على هذا الإقليم حملات تطالب بالانفصال عن أذربيجان والانضمام في الوقت نفسه إلى أرمينيا.
تصدت أذربيجان للانفصاليين بالسلاح، في محاولة لقمع المتظاهرين والسيطرة على الوضع، ومن جهتها دعمت أرمينيا المطالبين بالانفصال عن أذربيجان، مما أدى إلى نشوب صراع بين الدولتين ظل قائما حتى انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 لتندلع حرب بين الطرفين أوائل التسعينيات استمرت عامين وأودت بحياة أكثر من 30 ألف شخص من الأذريين والأرمن، قبل أن يحسمها الأرمن لصالحهم.
وعلى الرغم من إعلان أرمينيا استقلال “قره باغ” في استفتاء أجري في ديسمبر/كانون الأول 1991 فإن هذا الاستقلال اعتبر أحاديا وغير نظامي، بسبب وضعية المنطقة التي أصبحت حينها تعيش حكما ذاتيا، وهو الأمر الذي ترك فتيل الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا مشتعلا، لتتطور الأمور بعد ذلك إلى حرب استمرت لسنوات.