تعرف على تاريخ الإسلام في جورجيا
الإسلام في جورجيا متأصل مُنذ القرن السابع الميلادي، عندما فتحها القائد المسلم حبيب بن مسلمة الفهري في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وأعطى شعب جورجيا “صك حماية”، أي كتاب هدنة، وبذلك حدد العلاقة بين العرب المسلمين وأبناء تبليسي المسيحيين، ومنذ ذلك الحين أتيحت الفرصة للجورجيين التعرف على الإسلام مبكرًا ومن الواضح أن الوثيقة المذكورة تُرجمت أيضًا إلى اللغة الجورجية، والتي من خلالها يمكن اعطائهم ضمانات حرمة ممتلكاتهم وعقيدتهم، والمبادئ الأساسية للإسلام والاقتباسات من القرآن.
ايضاً عُرفت جورجيا قديماً باسم بلاد الكرج، حيث أطلق العرب هذا الاسم، وهي تجاور بلاد الرحاب من الشمال، و”الرحاب” مصطلح يشمل أذربيجان وأرمينيا وإيران، لهذا فانتشار الإسلام بجورجيا مرتبط بانتشارهُ في بلاد الرحاب.
خلال بدايات انتشار الإسلام، أُرسل إلى جورجيا مجموعة من أفضل علماء القرآن والشريعة، لتبشيرهم بالإسلام وتعليمهم أصول الدين، وسرعان ما ظهرت النتائج من خلال المسكوكات المعدنية التي صنعت في تبليسي في السنة الخامسة والثمانين من الهجرة أي سنة 704 ونُقِشَت عليها كلمات الحمد لله.
يُذكر أن أول ظهور للعرب في جورجيا كان عام 645. عندما نجحوا في بسط سيطرتهم الراسخة على جزء كبير من البلاد عام 735، في ذلك العام ، استولى “مروان الثاني” على تبليسي وجزء كبير من الأراضي المجاورة وأقام هناك أميرًا عربيًا.
خلال الفترة العربية، نمت تبليسي المعروفه آنذاك بأسم (تيفليس) لتصبح مركزًا للتجارة بين العالم الإسلامي وأوروبا في الشمال.
الإسلام في جورجيا خلال حقبة السلاجقة:
جاء غزو الأتراك السلاجقة نفوذهم على منطقة الرحاب في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، استمر حكم السلاجقة حتى اجتاح الغزو المغولي منطقة الرحاب وما حولها، وتعرضت منطقة الرحاب وبلاد الكرج للتدمير، ولما اعتنق المغول الإسلام ازدهرت الدعوة بالبلاد، وبعد ضعف المغول تقاسم السيطرة على جورجيا الأتراك العثمانيون والفرس والداغستان.
وعندما بسط الملك دافيد الرابع “دافيد أغماشنبيلي” سيطرته على جورجيا عام 1122، طرد السلاجقة من البلاد، ظل سكان جورجيا المسلمون يعيشون بسلام تحت حكم الملك المسيحي المتدين الذي منح المسلمين بعض الامتيازات في النظام الضريبي، وحظر ذبح الخنازير في الأحياء المسلمة، احتراما لتعاليم الاسلام في جورجيا ومعتنقينه.
ولما ضعفت إمبراطورية الملك بدأ قياصرة روسيا التدخل، وأعلنوا الحماية على بلاد القفقاس بما فيها جورجيا في سنة 1198هـ – 1784م.
الإسلام في جورجيا خلال الحقبة السوفييتية:
سيطر الاتحاد السوفيتي بشكل كامل على جمهورية جورجيا خلال الفترة ما بين عامي 1922 – 1991، وكانت تلك العقود السبعة الأصعب على بقاء الإسلام في جورجيا على مر التاريخ حُظر على المسلمين في جورجيا ممارسة شعائرهم الدينية.
واقع الإسلام في جورجيا اليوم:
اليوم في جورجيا يوجد نحو أكثر من 450 ألف مسلم من أصول جورجية وأذرية وتترية وتركية وغيرها، وتشكل نسبة المسلمين في جورجيا 10 % من عدد سكان جورجيا، وهم أكبر أقلية دينية في البلاد، ويعيش المسلمون جنبا إلى جنب مع المسيحيين الذين يشكلون أكثر من 80 % من سكان البلاد، وهناك العديد من المناطق في جورجيا ذات أغلبية مسلمة، ويتركز المسلمون السنة في أدجارا – باتومي، غربي جورجيا، فيما ينتشر المسلمون الشيعة شرقي جورجيا، ويعد وادي بانكيسي في كاخيتي أكبر تجمع للمسلمين شرقي البلاد
يمثل المسلمون في جورجيا جهة رسمية يطلق عليها “ادارة مسلمي جورجيا، مهمتها إدارة وتنظيم شؤون المسلمين في جورجيا، ويقع على عاتقها أيضا تنسيق سفر الحجاج الجورجيين البالغة حصتهم 500 حاج في كل موسم.
دور تركيا فى دعم المسلمين فى جورجيا
في عام 2010، وقعت تركيا و جورجيا اتفاقا يتم بموجبه تركيا وتوفير التمويل والخبرات اللازمة لإعادة تأهيل ثلاثة مساجد وإعادة بناء مسجد رابع في جورجيا، في حين أن جورجيا تقوم بتأهيل أربعة أديرة جورجية في تركيا. ستسمح الاتفاقية الجورجية التركية بإعادة بناء مسجد عزيزة التاريخي في باتومي، أجاريا الذي هدم في منتصف القرن الماضي.
في يوليو 2011، أقر برلمان جورجيا قانونًا جديدًا يسمح لجميع الأديان التي لها “روابط تاريخية مع جورجيا” بالتسجيل كديانة معترف بها.
اليوم، تعمل المساجد في جورجيا تحت إشراف دائرة المسلمين الجورجيين، التي تأسست في مايو 2011، قبل ذلك كانت شؤون مسلمي جورجيا تحكم من الخارج من قبل دائرة مسلمي القوقاز ومقرها باكو .
أصناف المسلمين في جورجيا
هناك المسلمون الجورجيون هم من السنة الحنفي ويتمركزون في جمهورية أدجارا الجورجية المتمتعة بالحكم الذاتي على الحدود مع تركيا.
والمجموعة الثانية من المسلمون الأذربيجانيون هم في الغالب من الشيعة ويتركزون على طول الحدود مع أذربيجان وأرمينيا.
هناك ايضاً الأتراك المسخاتيون، هم السكان السابقون لمنطقة مسخيتا في جورجيا، يتمركزون على طول الحدود مع تركيا.
وتوجد أعداد قليلة من المسلمين في جورجيا ينتمون إلى مجموعات عرقية أخرى في جنوب القوقاز، مثل الأوسيتيين والأرمن واليونانيون البونتيك (مقسمون بين اليونانيين القوقاز والأوروم الناطقين بالتركية ). وينحدر هؤلاء بشكل رئيسي من المسيحيين الأرثوذكس الذين اعتنقوا الإسلام في العصر العثماني.
تم تعريف العديد من مسلمي جورجيا بأنهم “ عثمانيون ” في أعقاب حملة مصطفى باشا القوقازية التي أدت إلى الفتح العثماني لجورجيا في سبعينيات القرن السادس عشر.
بقلم : Zahraa Samir Alsuhail