العلاقات الثنائية بين جورجيا وقطر .. التاريخ والواقع والمستقبل
شهدت العلاقات الثنائية بين جورجيا وقطر تطورا ملحوظا خلال الأعوام الماضية، شملت مختلف المجالات وفي مقدمتها قطاعات الاستثمار والسياحة والتجارة.
رغم ذلك يرى مسؤولون جورجيون وقطريون أن التطور “الكبير” الذي شهدته العلاقات الثنائية، لا يزال في طور نموه في ظل امتلاك البلدين لإمكانات هائلة.
العلاقات الدبلوماسية بين جورجيا وقطر
تعود العلاقات الدبلوماسية بين جورجيا و قطر إلى عام 1993، وتم افتتاح سفارة جورجيا في قطر في عام 2012، وفي العام التالي افتتحت الدوحة سفارتها في تبليسي، لتكون قطر أول دولة من منطقة الخليج تفتتح بعثتها الدبلوماسية في جورجيا.
قال سفير قطر لدى جورجيا، مبارك بن ناصر آل خليفة، إن العلاقات القطرية الجورجية قد تحسنت بشكل كبير في جميع المجالات في السنوات الأخيرة، ويمكن ملاحظة ذلك في عدد الزيارات رفيعة المستوى التي تم تبادلها بين المسؤولين في كلا البلدين، وكذلك الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها أو قيد الدراسة.
ونفى السفير وجود أي عوائق تمنع توطيد العلاقات بين قطر وجورجيا في جميع المجالات، بالنظر إلى رغبة جورجيا في توسيع العلاقات مع أكبر عدد من الدول العربية، ولا سيما التعاون الخليجي مجلس الدول.
وأشاد بانعقاد منتدى الأعمال القطري الجورجي عام 2014، بحضور كبار المسؤولين الجورجيين، بمن فيهم رئيس الوزراء آنذاك إيراكلي غاريباشفيلي، ووفد من غرفة قطر الذي التقى بنائب الرئيس التنفيذي للغرفة الجورجية ومدير الهيئة الوطنية للاستثمار في جورجيا، والمدير التنفيذي لصندوق الاستثمار الجورجي، ورئيس قسم التسويق في الإدارة الوطنية للسياحة في جورجيا.
وبعد عامين زار وفد من رجال الأعمال الجورجيين برئاسة رئيس غرفة التجارة والصناعة الجورجية، نينو شيكوفاني، وعقد اجتماعًا مع نائب رئيس غرفة قطر، محمد بن أحمد الكواري، لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، واستعرض الفرص الاستثمارية المتاحة في القطاعات التي تتميز بها جورجيا، وخاصة في قطاعات السياحة والعقارات والطاقة والبناء والزراعة.
الاستثمار المتنامي بين جورجيا وقطر
بهذا الصدد، قالت وزيرة الاقتصاد والتنمية المستدامة في جورجيا، ناتيا تورنافا، في مقابلة مع صحيفة بيننسولا القطرية، إن العلاقات بين جورجيا وقطر نمت باطراد خلال السنوات الماضية، وشهدت توسعا كبيرا في التجارة الثنائية والتعاون الاقتصادي، ولا يزال هذا المسار في تقدم مستمر.
الاستثمارات القطرية في جورجيا
بدأ تدفق الاستثمارات القطرية في جورجيا عام 2013، وحتى عام 2019 بلغ حجمها قرابة 31 مليون دولار، وزادت الاستثمارات خلال آخر عامين لتصل إلى 8 ملايين دولار سنوياً، بينما قدرت بمبلغ 2 مليون دولار في الأعوام السابقة، واستهدفت الاستثمارات مختلف القطاعات إلا أن أكثرها تم ضخه في مجالي النقل والعقارات.
وأكدت وزيرة الاقتصاد الجورجية أنه خلال عامي 2018 و 2019 لوحظت اتجاهات إيجابية للنمو في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد الجورجي، وخلال هذه الفترة كانت القطاعات الاقتصادية الرئيسية المحركة للنمو هي قطاعات العقارات والتجارة والنقل والفنادق والمطاعم.
وأشارت إلى أن قطاع التصنيع يعد أحد القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الجورجي، حيث يساهم بنحو 16.4 % في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما أصبحت السياحة في السنوات الأخيرة واحدة من أسرع القطاعات نمواً في اقتصاد البلاد.
وتقدم الحكومة الجورجية تسهيلات للمستثمرين الأجانب لتحفيزهم على الاستثمار، تتمثل في تخفيض تكاليف بدء نشاط تجاري وتسهيل الإجراءات إلى حد كبير، كما يلعب انخفاض مستوى الضرائب وانخفاض أسعار العمالة الجورجية دورا في جذب الاستثمارات القطرية والأجنبية عموما إلى جورجيا.
الاستثمارات الجورجية في قطر
أشار سفير جورجيا في قطر، نيكولوز ريفازشفيلي، إلى وجود شركات جورجية تعمل بشكل رئيسي في الاستشارات والتجارة في قطر، كما تخطط بعض الشركات الجورجية لدخول السوق القطري في مجال الخدمات البريدية والمالية.
واستدرك قائلا “لا يمكننا القول أن هناك تواجدًا كبيرًا للشركات أو المستثمرين الجورجيين في قطر، لكن نأمل أن نرى هذا النمو الكبير قريبًا”.
وفقًا للدبلوماسي الجورجي، فإن الجالية الجورجية في دولة قطر صغيرة نسبيًا وتضم 230 مواطنًا جورجيًا، يعملون في مجالات مختلفة مثل الخدمات الطبية والتعليم وقطاع الضيافة والرياضة وغيرها.
إحتفالات عيد الإستقلال الجورجي في قطر
جورجيا .. مركز إقليمي للاستثمار
خلال منتدى طريق الحرير الذي استضافته تبليسي وشاركت فيه الدوحة بوفد اقتصادي ضخم شمل عددا من الوزراء والشخصيات البارزة أشارت وزيرة الاقتصاد في جورجيا أن التغييرات والإصلاحات القوية التي تم تنفيذها خلال السنوات الأخيرة تضع جورجيا ضمن واحدة من أفضل الوجهات في العالم للاستثمار وسهولة ممارسة الأعمال.
جيورجي جاخاريا يبحث مع وزير المواصلات القطري فرص الاستثمار في جورجيا
وتتعلق هذه التغييرات بالإصلاحات في الضرائب والجمارك من خلال وضع أنظمة تنظيمية مالية وتجارية ليبرالية وتقليص حجم الروتين بشكل كبير وتعزيز استقلالية القضاء ومكافحة الفساد.
أوضحت وزيرة الاقتصاد في جورجيا أن بلادها تتمتع بمجموعة متنوعة من الفرص التجارية التي تقدمها لأولئك الباحثين عن وجهات استثمارية جديدة عبر مجموعة من القطاعات الأسرع نمواً في البلاد، بما في ذلك الطاقة المتجددة والعقارات والتصنيع والاستعانة بمصادر خارجية في العمليات التجارية والخدمات اللوجستية وغيرهم.
وأوضحت أن السياسات الجورجية المواتية لبيئة الأعمال والعلاقات التجارية الإقليمية والعالمية القوية والموقع الجيوسياسي، كلها عوامل ساهمت كذلك في تحويل البلاد إلى مركز إقليمي جديد للفرص الاستثمارية.
وأشارت إلى أن المستثمرين يمكن أن يستفيدوا من إمكانية الوصول إلى 2.3 مليار مستهلك عبر شبكة واسعة وقوية من اتفاقيات التجارة الحرة، ولا سيما مع الاتحاد الأوروبي والصين.
ونوهت تيرنافا إلى أن حكومة بلادها تولي أهمية خاصة لتطوير ممرات نقل جديدة والاستثمار في البنية التحتية لقطاع النقل.. مشيرة إلى أن أحد القطاعات التي توليها الحكومة الجورجية أهمية قصوى هو النقل والخدمات اللوجستية، باعتبارها تمثل شريان الحياة لاقتصاد أي بلد.
وبيَنت أن الرؤية الاقتصادية ونموذج مناخ الأعمال في جورجيا يعتمد بالكامل على الانفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر والحفاظ على الأمن والقدرة على التنبؤ والمناخ السياسي المواتي والتقدم تجاه اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا.
من أجل تحقيق تلك الرؤية، تخطط جورجيا للتبادل المستمر للمعلومات حول الأنشطة، مثل المنتديات والمعارض وغيرها، مع دوائر الأعمال الأجنبية وتنظيم مؤتمرات صناعية، بما يشجع بشكل كبير على التعاون واستغلال الفرص.
العلاقات التجارية بين جورجيا وقطر
أكدت وزيرة الاقتصاد في جورجيا أن هناك تحولات إيجابية في الديناميكيات التجارية بين جورجيا وقطر، ومع ذلك فإن العلاقات التجارية أقل بكثير من إمكانات البلدين، وهناك آفاق لزيادة حجم الصادرات في عدة منتجات: منها الأدوية، ولحوم الأغنام والأغنام الحية، والمياه المعدنية، وعصائر الفاكهة والخضروات، والعسل، والبهارات، وكذلك الفواكه والخضروات الطازجة.
وفي سبيل تطوير القطاع التجاري، أطلقت جورجيا آليات متنوعة لدعم التجارة والترويج لها، من بينها تنظيم بعثات تجارية وتنظيم منتديات ومعارض أعمال لغرض دعم التعاون الثنائي بين الشركات.
المسافرون العرب بين جورجيا وقطر
على مدى السنوات الماضية نما عدد السياح القادمين من قطر إلى جورجيا، وخلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2019، بلغ عدد الزوار القادمين من قطر إلى جورجيا نحو 2900 شخص، ليسجل نمواً بنسبة 25.6 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتمثل قطر أحد الأسواق السياحية الاستراتيجية والمتنامية بالنسبة لجورجيا، وتعمل الأخيرة على زيادة الوعي بالمنتجات والعروض السياحية في قطر، فعلى سبيل المثال تنظم حملات تسويق خلال الفترة من أغسطس إلى ديسمبر 2019 عبر الإنترنت على منصات شهيرة مثل شبكة سي إن إن، ووكالة بلومبرغ في قطر، وتنظيم جولات صحفية لممثلي وسائل الإعلام الرائدة من قطر على أساس دوري.
وفي هذا السياق، يرى سفير جورجيا في قطر، نيكولوز ريفازشفيلي، أن مونديال كرة القدم الذي تستضيفه قطر عام 2022 يعد حافزا جديدا لتعزيز التعاون السياحي والرقي به إلى مستوى جديد نوعياً، ولا شك أن هذا الحدث العالمي سيضع المنطقة الأوسع في دائرة الضوء على الصعيد الدولي.
العلاقات الثقافية بين جورجيا وقطر
قال السفير القطري إن التعاون في المجال الثقافي بين البلدين مستمر، وتشارك البلدين بشكل متبادل في المهرجانات الثقافية والشعبية، وكل عام تستقبل جامعة قطر طلاب جورجيين في برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
وقد شاركت فرقة الباليه والفولكلور الجورجية في مهرجان التنوع الثقافي الذي أقيم في كتارا عام 2016، بالتنسيق مع لجنة قطر الوطنية للتربية ومكتب اليونسكو في الدوحة وقطر الوطنية لجنة التعليم والثقافة والعلوم.
كما نظمت القرية الثقافية في كتارا معرضًا فنيًا للفنان القطري علي دسمال الكواري في العاصمة الجورجية تبيليسي، وتحرص البلدين على مواصلة التعاون الثقافي لما له من دور في تقريب الشعبين الجورجي والقطري.
تابع القراءة حول رؤية رئيسة الجمهورية عن مستقبل العلاقات بين جورجيا وقطر:
كيف تبدو العلاقات بين جورجيا و قطر ؟ رئيسة جورجيا تجيب
المصادر : تقارير هلا جورجيا - جريدة بيننسولا القطرية - سفارة قطر في تبليسي