عيد الحب في جورجيا .. قصة عشق و كلام عن الحب و شلال سحري و5 بنات
عيد الحب أو يوم الفلانتين مناسبة عالمية وفرصة سانحة لنستبدل الكراهية بالحب والبغض بالمودة، ربما أصبح عالمنا أفضل. أما في عيد الحب في جورجيا سنأخذكم في جولة سحرية لنروي قصة عشق و نحكي كلام عن الحب و جسر الخيانة و شلال الحب الغامض .. هيا بنا.
عيد الحب في جورجيا لا يقتصر على توثيق علاقة بين عاشقين خلّدا أسطورة حب، ولا تتوقف معالمه عند تمثال يحكي قصة عشق جمعت بين حبيبين فرقهما القدر، ولا تذوب تفاصيله بين زحمة المدن وواجهات المباني المرتفعة، ولا يمكن سرده في عبارات كلام عن الحب مجردة.
إنما الحب في جورجيا الجميلة عصي على النسيان والحصر في حدود ضيقة أمام تغيرات الحياة المتسارعة، تجده في كل مدينة جورجية استوطنت الجبال أو عانقت البحر الأسود، وفي كل شارع مرصوف بالحصى يغازل البيوت الأنيقة، كما تجده في الكنائس والأديرة والأنهار والبحيرات والشلالات ونسمات الهواء العليل وفي لغة عيون الجورجيين البسطاء.
وتعد جورجيا موطنا لحكايات الحب وأساطيره عبر التاريخ، ومكانا يجمع بين مدينة الحب وشلال الحب وجسره، ما يجعلها قبلة عالمية تستقطب الأزواج القادمين من كافة أرجاء العالم لقضاء شهر العسل أو الاستمتاع بعطلة رومانسية استثنائية.
عيد الحب .. ومدينة الحب ” سغناغي “
كانت سغناغي الصغيرة حصنا منيعا أمام الأعداء بناه الملك الجورجي إيراكلي الثاني في أقصى شرق جورجيا، واليوم هي واحدة من أكثر مدن جورجيا جاذبية ورومانسية بفضل جمالها الطبيعي والتاريخي وهدوئها، ويطلق عليها الجورجيون اسم مدينة الحب، لأنها تضم قصر الحب وهو عبارة عن مؤسسة لتسجيل الزواج بسهولة ويسر وبعيدا عن التعقيدات، لذلك يقصدها الأزواج من كافة أرجاء البلاد لإقامة حفلات زواجهم فيها.
في حين يقول البعض أن سبب تسمية سغناغي باسم ” مدينة الحب ” مرتبط بقصة فنان كان يقطنها، وقد وقع في حب إحدى الفتيات وكان مغرما بها، وعبر عن حبه الشديد لها بتغطية كل الطريق المؤدية إلى منزلها بالورد الجوري، وبغض النظر عن سبب التسمية، فإن سغناغي ستأخذك تلقائيا إلى عالم الرومانسية عند التجول في شوارعها المرصوفة بالحصى وبين مبانيها الرقيقة والشرفات الناعمة، وستجعلك تشعر وكأنك تقرأ إحدى قصص الحب التاريخية أو تتنزه بين روايات العشق العالمية.
شلال الحب .. أسطورة الراعي والـ 5 بنات
يقع شلال الحب في بلدة أمبرولوري التابعة لمنطقة راتشا شمال غربي جورجيا، ويحكي الشلال الذي يأخذ شكل قلب قصة أب لديه 5 بنات وكان خائفا على مستقبلهن كثيرا، وفي إحدى الليالي راوده حلم رأى نفسه يقف إلى جانب الشلال وحوله كانت تسير الخراف والأغنام، فعرف الرجل أن الحلم عبارة عن إشارة بأن الله يريد أن يخبره بشيء، وفي اليوم التالي هرع الرجل إلى الشلال مصطحبا بناته الخمس والنبيذ أيضا، وقضت العائلة وقتا ممتعا تحت الشلال، وكان الرجل يدعو جميع المارة لشرب النبيذ معه، وبعد ذلك اليوم بفترة وجيزة تزوجت جميع بناته ووجدن حبا حقيقيا.
في الوقت الحالي، يمثل الشلال رمزا للحب الحقيقي، ويؤمن كثير من زواره بأنهم سيجدون نصفهم الآخر عند العبور منه وتتساقط قطرات المياه فوق رؤوسهم، ما يجعل من الشلال مكانا فريدا يجمع بين سحر الطبيعة وقصص الحب الأسطورية.
جسر الأقفال يحكي كلام عن الحب في تبليسي
يقع جسر الأقفال بالقرب من حمامات المياه الكبريتية في تبليسي، ويطل على المدينة التاريخية القديمة في مشهد رومانسي يستقطب الأزواج الجدد من شتى أنحاء العالم، لتعليق عشقهم الأبدي على الجسر، عبر تثبيت القفل الذي يحمل اسم المحبين على الجسر، ورمي المفتاح بعيدا.
جسر الأقفال لا يحكي كلام عن الحب مجرداً ، بل كل قفل من أقفاله التي وصلت لعشرات الآلاف تحمل ذكرى عيد الحب بين عاشقين وتروي أسرار قصة عشق ربطت بينهم.
تعود فكرة أقفال الحب إلى أكثر من مائة سنة، وترتبط بحكاية حبٍ حزينة نشأت بين معلمة في إحدى مدارس صربيا وموظف من نفس المدينة، وقد تعاهد الحبيبان على الارتباط مدى الحياة وكان لقائهما المعتاد على جسر ” موست ليوبافي ” في المدينة ومعناه ” جسر الحب “.
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى اضطر الحبيب للسفر إلى ” اليونان ” من أجل المشاركة في الحرب هناك، وبعد فترةٍ من الزمن يشاء القدر أن يقع الرجل في حب امرأة يونانية، وينسى حبيبته القديمة و يتنصل من وعوده لها، ولكنها لم تنس حبيبها ولم تشف من كلام عن الحب حفظته أذناها، وماتت بعد فترةٍ وجيزةٍ بالحسرة والحزن على حظها السيئ.
كانت هذه الحكاية ناقوس خطر نبه نساء المدينة ودفعهن إلى حماية أنفسهن من غدر الحبيب، و قصة عشق تنتهي كقصة المعلمة. وبدأن بكتابة أسمائهن وأسماء من يحببن على أقفالٍ حديدية وتثبيتها على نفس الجسر الذي كانت تلتقي عليه المعلمة بحبيبها الخائن، ومن هنا جاءت فكرة أقفال الحب وانتشرت في كبرى العواصم الأوروبية.
تمثال علي ونينو في باتومي
يجسد تمثال علي ونينو المطل على ساحل البحر الأسود بمدينة باتومي غربي جورجيا قصة عشق بين شاب أذربيجاني مسلم وفتاة جورجية مسيحية في باكو خلال السنوات 1918-1920، و ترمز القصة التي ألفها الكاتب ليف نوسيمباوم (قربان سعيد)، إلى المتناقضات بين العالم الأوروبي والآسيوي، وبين المسلم والمسيحي، وبين الذكر والأنثى، وغير ذلك من العادات والمعتقدات المتضاربة.
وتدور الرواية حول قصة الآسيوي علي خان، الذي يعمل مدرساً بإحدى المدارس الروسية، ويتعرف على الأميرة نينو كيبياني، التي تنتمي للعالم الأوروبي وتقاليده المسيحية؛ فوقع كل منهما في غرام الآخر وحينما فكر في طلب يد الأميرة، بدأت المشاكل والاعتراضات تتوالى على العلاقة التي تحاول الجمع بين الشرق والغرب والإسلام والمسيحية.
يفرق القدر بين العاشقين بعد تورط علي في قتل غريمه في حب الأميرة نينو، وهروبه إلى داغستان ثم إيران، وبعد أن تلحقه حبيبته يعيش الاثنان حياة التشرد في بلاد القوقاز؛ ليموت علي في النهاية المأساوية خلال تصديه للهجوم السوفيتي.
كل ليلة تجد علي ونينو يجسّدان قصة حب خيالية على ساحل البحر الأسود، عبر تمثال فولاذي صممته الفنانة تمارا كفيسيتادزه، ويتكون التمثال من جسدين إحداهما لرجل والآخر لامرأة يبلغ ارتفاعهما 8 أمتار، و يتحركان بطريقة مبهرة، تراهما يقتربان يومياً في تمام الساعة السابعة مساء وكأنهما يقبّلان بعضهما ويتّحدان سوية حتى تخالهما جسداً واحداً ليعودا ويفترقا ويبتعد كل منهما عن الآخر، ثم يلتقيان في اليوم التالي في الوقت عينه، فيُعيدان إلى الذاكرة كل يوم قصة عشق تراجيدية.
قصر الفن في تبليسي .. و قصة عشق
شارع أغماشنبيلي أو كما يعرفه المسافرون العرب باسم ” شارع العرب ” ذلك الشارع الأشهر في جورجيا الذي يعرفه أغلبنا وربما يحفظه عن ظهر قلب. إلا أن انعطافة صغير في أحد شوارعه الجانبية “شارع كارجارتيلي” تأخذك إلى عالم لم تره من قبل.
قصر كلاسيكي يجمع بين العمارة الإسلامية و العمارة القوطية، وهو حاليا عبارة عن متحف للمسرح والموسيقى والسينما، لكن هناك قصة عشق قبل ذلك المتحف عاشت في هذا القصر الفسيح.
في عام 1882 التقى الأمير الألماني قسطنطين أولدنبورغ (1850-1906) مع امرأة جورجية جميلة تدعى أجرافينا جاباريدزه في كوتايسي، وكانت في ذلك الوقت متزوجة من نبيل جورجي من أسرة دادياني الملكية ملوك كوتايسي.
وكان الأمير أولدنبورغ منبهرا بجمال المرأة لدرجة أنه قرر تجاهل حالتها الزوجية والاعتراف بحبه لها، حتى هي قررت أن تلقي بسلالتها الملكية وراء ظهرها للأبد ورحلت عن كوتايسي مع حبيبها الأمير الألماني.
غادر العاشقان إلى تبليسي واستقرا فيها، وقرر الأمير التعبير عن حبه للمرأة الجورجية ببناء قصر مذهل يعيشان فيه، صممه المعماري الإيطالي الشهير، بول ستيرن الذي صمم أيضًا في تلك الحقبة مبنى بلدية تبليسي “القديم” المذهل المتصدر ميدان الحرية في قلب العاصمة الجورجية.
المصادر : هلا جورجيا - ويكيبيديا