يمثل العصر الذهبي لجورجيا وبداخله تحف فنية لا تقدر بثمن.. كل ما تريد معرفته عن “دير جيلاتي” في كوتايسي
تأسس دير جيلاتي عام 1106 قرب كوتايسي غرب جورجيا، وهو تحفة فنية من العصر الذهبي للبلاد في العصور الوسطى، العصر الذي شهد قوة سياسية، ونمواً اقتصادياً كبيراً، فما الذي تعرفه عن دير جيلاتي؟
دير جيلاتي المُدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي
على المنحدرات الجنوبية السفلية لجبال شمال القوقاز وبالقرب من مدينة كوتايسي، يقع دير جيلاتي المُدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والذي يعكس “العصر الذهبي” لجورجيا في العصور الوسطى، وهي فترة من القوة السياسية والنمو الاقتصادي بين عهدي الملك دافيد الرابع “الباني” (1089-1125) والملكة تامار (1184-1213).
كان دافيد هو الذي بدأ في عام 1106 ببناء الدير بالقرب من عاصمته كوتايسي على تلة مشجرة فوق نهر تسكالتسيتيلا.
تم الانتهاء من بناء الكنيسة الرئيسية عام 1130 في عهد ابنه وخليفته ديميتري، كما تمت إضافة المزيد من الكنائس إلى الدير طوال القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر.
تم تزيين الدير بشكل غني بلوحات جدارية من القرن الثاني عشر إلى القرن السابع عشر، بالإضافة إلى فسيفساء من القرن الثاني عشر في حنية الكنيسة الرئيسية، تصور العذراء مع طفل يحيط بها رؤساء الملائكة.
تتحد جودتها المعمارية العالية وديكورها المتميز وحجمها وجودتها المكانية الواضحة لتقدم تعبيراً حياً عن المصطلح الفني للهندسة المعمارية في “العصر الذهبي” الجورجي.
جيلاتي لم يكن مجرد دير، بل مركزاً للعلوم أيضاً
لم يكن جيلاتي مجرد دير، بل كان أيضاً مركزاً للعلوم والتعليم، إذ أُنشأ داخله أحد أهم المراكز الثقافية في جورجيا القديمة.
جمع الملك داود مثقفين بارزين في أكاديميته مثل يوهانس بيتريتزي، الفيلسوف الأفلاطوني الجديد المعروف بترجماته لبروكلس، وأرسين إيكالتويلي، الراهب المتعلم، الذي تم تجميع ترجماته للأعمال العقائدية والجدلية في كتابه الدوغماتيكون، أو كتابه التعاليم متأثرة بالأرسطية.
كان لدى جيلاتي أيضاً سكربتوريوم حيث كان الكتبة الرهبان ينسخون المخطوطات (على الرغم من أن موقعه غير معروف).
من بين العديد من الكتب التي تم إنشاؤها هناك، أشهرها هو إنجيل القرن الثاني عشر، والموجود في المركز الوطني للمخطوطات.
بصفته ديراً ملكياً، امتلك جيلاتي أراضٍ واسعة، وكان غنياً بالأيقونات، بما في ذلك أيقونة عذراء خاخولي الشهيرة المثبتة بالذهب (الموجودة الآن في المتحف الوطني الجورجي) وفي ذروته، كان يعكس القوة والثقافة العالية للمسيحية الشرقية.
دير جيلاتي كان يمثل العصر الذهبي لجورجيا
دير جيلاتي هو تحفة معمارية كان يمثل “العصر الذهبي” لجورجيا وأسلوبها المعماري، الذي يتميز بالواجهة الكاملة للكتل الكبيرة المنحوتة بسلاسة، والنسب المتوازنة تماماً.
تعد الكنيسة الرئيسية للدير إحدى أهم الأمثلة على الطراز المعماري المتقاطع الذي كان له دور حاسم في عمارة الكنيسة المسيحية الشرقية منذ القرن السابع فصاعداً.
جيلاتي هو إحدى أكبر الأديرة الأرثوذكسية في العصور الوسطى، ويتميز بتناغمه مع بيئتها الطبيعية ومفهوم التخطيط الشامل المدروس جيدًا.
الكنيسة الرئيسية في دير جيلاتي هي النصب التذكاري الوحيد من العصور الوسطى في المنطقة التاريخية الأكبر في شرق آسيا الصغرى والقوقاز التي لا تزال تتمتع بزخارف فسيفسائية محفوظة جيداً.
يمكن مقارنتها بأفضل الفسيفساء البيزنطية، فضلاً عن احتوائها على أكبر مجموعة من اللوحات الفنية من الفترات البيزنطية الوسطى، والبيزنطية المتأخرة، وما بعد البيزنطية في جورجيا، بما في ذلك أكثر من 40 صورة لملوك وملكات وكبار رجال الدين وأقدم تصوير للمجامع المسكونية السبعة.
الدير لا يزال يحافظ على حالته السليمة
يتألف الدير من جميع المباني الرئيسية التي تعود إلى القرن الثاني عشر، بالإضافة إلى تلك التي تمت إضافتها في القرن الثالث عشر، وجميع تلك الأبنية تتضمن السمات اللازمة للتعبير عن القيمة العالمية المتميزة الموجودة والمدرجة في المنطقة.
إذ لم يتم فقدان أي سمة أصلية مهمة للدير من القرنين الثاني عشر والثالث عشر، ولا تزال مناظره الطبيعية سليمة إلى حد كبير.
وبشكل عام، فإن الأشكال المعمارية والترتيب المكاني والديكور تنقل قيمة الدير بالكامل.
لفترة طويلة، كانت أجزاء كبيرة من اللوحات الجدارية في حالة سيئة من الحفظ، ومع إصلاح الأسطح، تم إبطاء عملية التدهور، وتم تنفيذ أعمال الترميم، على الرغم من أن بعضها لا يزال عرضة للخطر.
أُعِيد تسقيف مبنى الأكاديمية، الذي كان بلا سقف في عام 1994 وقت تسجيله، بمواد قابلة للعكس في عام 2009.
لتسمح المنطقة العازلة الواسعة بتقدير كامل للانسجام بين الدير المغلق وبيئته الطبيعية.
كان دير جيلاتي أحد المعالم الأثرية ذات الأهمية الوطنية منذ الفترة السوفيتية، وأُدْرِج في السجل الوطني الجورجي للآثار بموجب مرسوم رئاسي في عام 2006.
وتم توسيع منطقة الحماية الثقافية إلى ما هو أبعد من دير جيلاتي لتشمل المنطقة العازلة بموجب مرسوم صادر عن وزير الثقافة وحماية الآثار في عام 2014.