جورجيا التي لا نعرفها .. (2) شيخ البلد خلف ولد
إبرام شينجيكاشفيلي .. طفل مخطوف، ومملوك ماهر، وشيخًا للبلد في مصر
شيخ البلد .. إبرام شينجيكاشفيلي .. ربما هذا الرجل لا يعرفه الجورجيون أنفسهم .. إنما يعرفه المصريون جيدا .. أو ربما لا يعرفونه أيضاً.
هم يعرفون جيداً .. “شيخ البلد .. خلف ولد” تلك الأغنية التراثية التي غناها ولحنها المطرب الشعبى شفيق جلال .. مأخوذة من التراث الشعبي القديم .. ولا يعرف سوى القليل أن شيخ البلد ذلك .. هو إبراهيم بك المملوكي أو إبرام شينجيكاشفيلي الجورجي.
شيخ البلد .. جورجي
في قرية صغيرة تسمي مارتكوبي Martqopi تبعد 20 كيلومتر شمالي شرق تبليسي بإقليم كاخيتي وفي العام 1735 ولد إبرام وقبل أن يبلغ صبياً اختطف من أسرته وبيع لتجار الرقيق في الأناضول.
تعرف على كاخيتي وجمال مدنها من هنا
“كان عادة العثمانيون في تلك الحقبة اختطاف الأطفال والصبيان من البلدان الواقعة تحت سلطان الإمبراطورية، وتربيتهم تربية عسكرية وبيعهم للأمراء وجرت العادة تسميتهم المماليك ، حيث لكل أمير أتباعه من المماليك”
شيخ البلد .. مملوكي
من تاجر لتاجر ومن أمير لأمير حتي اشتراه الأمير “محمد بك أبو الدهب ” الذراع الأيمن لعلي بك الكبير ” وأول من استقل بحكم مصر عن الإمبراطورية العثمانية” وحاكم مصر من بعده.
أعتق أبو الذهب إبرام وسماه إبراهيم وزوجه أخته وبذلك أصبح واحداً من ” البكوات الأربع والعشرين” وزاد نفوذه فأصبح دفتردار “وزير مالية ” وبعد أن مات أبو الدهب ورثه ابراهيم بك فأصبح شيخ البلد.
وشيخ البلد، هو المنصب الأرفع في العصر المملوكي ” رئيس الوزراء ” واقتسم إبراهيم السلطة مع مراد بك الذي رضي بقيادة الجيش ، حتي جاءت الحملة الفرنسية وفر إبراهيم بك مع مراد بك إلى سوريا بعد معركة إمبابة وبعد جلاء الفرنسيس عن مصر عاد في حكم محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة.
ثانيًة .. وكل إليه محمد على منصب شيخ البلد ثانية قبل أن يتآمر عليه قبيل مذبحة المماليك الشهيرة ويفر إبراهيم بك إلي السودان ويبقى حتي وفاته عام 1817.
وشيخاً للبلد في عهد محمد على باشا كان منصباً ذا جاه ونفوذ وأبهة لدرجة أنه حين أنجب ولداً أراد أن يظهر أن سطوته عادت أكبر وقيده أقوي بعد فراره الأخير أمام الفرنسيس فنصب الزينات والاحتفالات بكل شوارع القاهرة حتي صار الناس يتساءلون عن الخبر فيجيب الأطفال التي اعتادت أن تلهو في جماعات ” شيخ البلد .. خلف ولد“.
مغامرة شملت حياة رجل من طفولة مختطفة ، لرجولة مبكرة ، لبسالة مذهلة ، لعز وغنى وشهرة وجاه ، لوفاة شريدا مع أسرته في أقاصي النيل.
ربما لهذا السبب تحديداً شعرت بألفة وحميمية منذ الجولة الأولى في أزقة تبليسي القديمة .. وكأن ذاك الرابط السحري منذ عصور دولة المماليك والشراكسة .. كان إبراهيم بك الجورجي .. إبرام شينجيكاشفيلي.
ولكن مهلاً .. هل ذاك كان الرابط الوحيد الذي يربطنا نحن العرب و يأسرنا بجورجيا !!
بالطبع لا .. ولكن لهذا .. قصـــــــــــــــة أخـــــــــــــري
إقرأ أيضًا: جورجيا الجديدة: أول رئيسة جمهورية وأصغر رئيس وزراء
تابع سلسلة جورجيا التي لا نعرفها لمزيد من سحر وجمال وأساطير جورجيا .. ساحرة العرب