360 مليار من الجراد يجتاح إفريقيا ويهدد 7 دول عربية .. هل يكون 2020 عام الكوارث والأوبئة والأمراض ؟
مع تزايد أعداد آفة الجراد في السودان والصومال وكينيا شرقي إفريقيا، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تحذيرات من حدوث “كارثة” تهدد الأمن الغذائي لملايين البشر. فما مدى خطورة الوضع في القرن الأفريقي؟ وما سبب انتشار الجراد بهذا الكم المرعب؟ وهل يشكل خطراً عالمياً أم فقط لدول شرق أفريقيا؟
الجراد الصحراوي .. وحش جائع يهدد 7 دول عربية
المنظمة الدولية أعلنت خلال مؤتمر صحفي انعقد في 10 فبراير الجاري، إن إثيوبيا والصومال تواجهان أزمة هي الأكبر منذ ربع قرن (عام 1989) ، في حين لم تشهد كينيا أزمة مماثلة منذ 70 عاما.
خطورة الجراد على 7 دول عربية
وحذّر المسؤولون من أن جنوب السودان وأوغندا معرّضتان للخطر، وثمّة قلق بشأن تكوّن أسراب جديدة في إريتريا وجيبوتي والمملكة السعودية واليمن والسودان وجنوب مصر مع استمرار انتشار الجراد على جانبي البحر الأحمر.
بينما تظل دول المغرب العربي وموريتانيا بشكل مؤقت في المنطقة البرتقالية (متوسطة الخطورة) مع تحذيرات من احتمالية تعرضها لنوبات من أسراب الجراد خلال الربيع إذا تزايد هطول الأمطار.
ونوّهت المنظمة إلى أن عدم التوصل إلى حل لوقف انتشار الآفة الفتاكة في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، سيسبب كارثة خطيرة تهدد ملايين المواطنين الذين يعانون أصلا من أزمة غذائية حادّة.
ورجح خبراء الأمم المتحدة أن يزيد حجم أسراب الجراد في البلدان الإفريقية بما يقارب 500 ضعف، وهو رقم ينذر المزارعين بأيام عجاف.
بينما تقدر منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة (فاو)، أعداد الجراد بما يقارب 360 مليار، وهو ما يضع القارة الإفريقية أمام أسوأ موجة جراد من سنة 1989.
عجز دولي في تمويل آلية مكافحة الجراد
وأكدت أنها لم تتلق سوى على 21 مليون دولار من قيمة المساعدات المطلوبة، منذ اطلاق المناشدة في الـ 22 و23 من يناير، والبالغة قيمتها 76 مليون دولار لمكافحة آفة الجراد غير المسبوقة.
بهذا الصدد، قال منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، إن 13 مليون شخص في إثيوبيا وكينيا والصومال يعانون من انعدام الأمن الغذائي و10 مليون منهم يعيشون في المناطق المتضررة من الآفة.
وأشار لوكوك إلى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قدّمت 10 مليون دولار من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، معربا عن أمله في أن تحذو الدول حذوها وتقدّم الدعم المطلوب للمساعدة في التخفيف من آثار تفشي الظاهرة ومساعدة المجتمعات المتضررة.
شاهد بالفيديو | تقرير قناة بي بي سي BBC عن أزمة الجراد في القرن الأفريقي :
أسباب تفشي ظاهرة الجراد
ربط مسؤولو الأمم المتحدة بين ظاهرة تفشي آفة الجراد الصحراوي والتغيرات المناخية، وأكدوا أن هطول الأمطار بشكل يفوق المعدل السنوي هو السبب الرئيسي “للظاهرة الفتاكة”.
وقال رئيس شعبة الطوارئ والتأهيل في الفاو، دومينيك بيرجون، أن ظاهرة تفشي الجراد تأتي نتيجة لحدوث إعصاريْن في المحيط الهندي في مايو وأكتوبر 2018.
وأوضح أن الإعصارين نجم عنهما رطوبة عالية في المنطقة الواقعة بين اليمن وعُمان والسعودية التي يُطلق عليها “الربع الخالي” وهي منطقة لا يمكن الوصول إليها بسبب طبيعتها، وقد انتعش الجراد هناك وتكاثر بكثرة.
وأضاف أن الجراد ينتقل جنوبا وشمالا، وعندما وصل إلى اليمن جنوبا وجد بيئة خصبة كالرطوبة لوضع البيض، وعند موسم الجفاف في اليمن انتقل في يونيو 2019 إلى شمال شرق إثيوبيا وشمال الصومال.
وفي 7 ديسمبر حدث إعصار كبير وصل إلى مناطق في إثيوبيا والصومال حيث يعيش الجراد، وهو ما خلق ظروفا مناسبة كي يتكاثر مجددا، وفي 28 ديسمبر اجتاحت الأسراب كينيا وتأثرت مناطق كثيرة فيها.
كذلك ربط الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أزمة تفشي الآفة الخطيرة بتغيّر المناخ، وطالب الدول المتقدمة بالتقليل من الانبعاثات ودعم أفريقيا بقوة.
وقال غوتيريش خلال مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا يومي السبت والأحد، “إن أفريقيا الأقل تسببا بهذه الحالة الطارئة لكنها تعاني من بعض أكثر عواقبها تدميرا”.
وشدد على ضرورة أن تقلل الدول المتقدمة من الانبعاثات وأن تدعم بقوة أفريقيا في التكيف وبناء المرونة والمتطلبات المالية التي تحتاجها القارة لمواجهة تغيّر المناخ.
وحذرت الفاو من أنه إذا لم يتوقف هطول الأمطار التي تفوق معدلها السنوي وإذا لم تفلح عمليات السيطرة في إيقاف الجراد، يمكن للآفة أن تنتشر في شرق أفريقيا قبل انتهاء عام 2020.
كما حذرت من تداعيات خطيرة على المنتوجات الزراعية والمراعي في جميع أنحاء المنطقة وسيعرّض الأمن الغذائي للخطر في الوقت الذي يعاني ملايين الأشخاص أصلا من انعدام أمن غذائي حادّ.
سرب الجراد الواحد يلتهم طعام 35 ألف شخص
حذر المسؤولون من تدهور الأوضاع أكثر مع ظهور جيل جديد من الجراد في موسم الزراعة في مارس المقبل، إذ إن الدمار الذي تخلفه الآفة هائل، إذ يمكن للسرب الواحد الذي يجتاح كيلومترا واحدا أن يلتهم طعاما في يوم واحد يساوي ما يأكله 35 ألف شخص.
وقال كيث كريسمان، مسؤول تنبؤات الجراد الصحراوي في الفاو، إن عدم التحرك في الوقت المناسب سيكون له عواقب وخيمة.
ففي كينيا استمرت الأسراب في اجتياح تلك المناطق على مدار خمسة أسابيع، وهذا يدل على تكاثر الجراد وتفشي الآفة في مناطق شاسعة ولكن بسبب الموارد غير الكافية لا يمكن الوصول إلى جميع تلك المناطق.
وبعد أن يفقس البيض خلال الشهر الجاري، ستظهر المواليد التي لا تملك أجنحة وتقفز على الأرض وكأنها سجاد متحرك على الرمال، وتحجب رؤية الأرض، وبعد 6 أسابيع ستكبر هذه الحشرات لتتحول إلى أسراب جديدة.
هذا كله يتزامن مع موسم الأمطار والزراعة، وعادة ما يمتنع المزارعون عن الزراعة في هكذا ظروف وهو ما يحمل تداعيات كبيرة على سبل المعيشة والأمن الغذائي.
في ظل تفشي فيروس كورونا عالميا ، تلاه ظهور أزمة أنفلونزا الطيور في غربي الصين ثم ظهور سلالة فيروس يارا في البرازيل .. والآن أزمة الجراد في إفريقيا .. هل تظن أن عام 2020 قد يكون عام الكوارث الطبيعية والأوبئة والأمراض ؟
شاركنا الرأي والتعليق ..
المصدر : هلا جورجيا - وكالات أنباء - منظمة الـ فاو - الأمم المتحدة