آثار كورونا الاقتصادية.. الرابحون والخاسرون في زمن ما بعد كورونا
ستنتهي أزمة تفشي فيروس كورونا في المستقبل القريب أو البعيد، وستعود الحياة إلى طبيعتها يوما ما، لكن آثار كورونا الاقتصادية ستظل ترواد اقتصادات الدول خلال السنوات اللاحقة للأزمة العالمية الأسوأ منذ عقود طويلة.
ورغم ما يشهده العالم من انكماش اقتصادي حاد بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، إلا أن اقتصادات بعض الدول ستجني مكاسب كبيرة بفضل أزمة كورونا، في المقابل ستواجه اقتصادات دول أخرى مشاكل جمة حتى بعد انتهاء كورونا.
أي الاقتصادات قادرة على التعافي بسرعة؟
حسب مؤشر المرونة العالمي الذي يقيس مدى توافر الأمان للتجارة والاستثمار، استنادا إلى قوة الاقتصاد ونسبة المخاطر وجودة سلاسل التوريد، فإن النرويج تمتلك اقتصادا هو الأفضل بين 130 دولة حول العالم في مواكبة الأزمات، والأقدر على استعادة عافيته بعد انتهاء كورونا.
بعد النرويج، تأتي الدنمارك بالمرتبة الثانية في مؤشر المرونة العالمي بفضل قدرتها على مراقبة سلسلة التوريد وانخفاض الفساد الحكومي، وجاءت سويسرا ثالثا، تليها اقتصادات ألمانيا، وفنلندا، والسويد، ولوكسمبورغ، والنمسا، ومنطقة وسط الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا على التوالي.
وأشار تقرير نشرته شبكة بي بي سي، إلى الدول الأكثر قدرة على التعافي بعد انتهاء الأزمة، وسلط الضوء على 5 دول هي الدانمارك و سنغافورة والولايات المتحدة، ورواندا ونيوزيلندا.
التقرير أكد أن فرص الدنمارك في التعافي أعلى من غيرها كونها استطاعت أن تتفادى بعض العواقب الخطيرة لتفشي الفيروس حتى الآن، بفضل سلسلة من الإجراءات لمواجهة آثار كورونا الاقتصادية، أهمها، الإعلان عن حزمة مساعدات مالية و دفع أجور للعمال الذين تأثرت مصادر رزقهم بالأزمة.
أما سنغافورة التي حلت في المرتبة 21 في مؤشر المرونة العالمي، ستعود الانتعاش رغم آثار كورونا الاقتصادية؛ وذلك بفضل اقتصادها القوي، وانخفاض المخاطر الاقتصادية وقوة بنيتها التحتية وانخفاض مستوى الفساد.
قسم المؤشر الولايات المتحدة إلى ثلاث مناطق، حلت المنطقة الغربية في المرتبة التاسعة بينما حلت الوسطى في المرتبة 11 والشرقية في المرتبة 22. لكن الولايات المتحدة إجمالا حققت مراتب متقدمة بفضل قلة المخاطر في بيئة ممارسة الأعمال واستقرار سلسلة التوريد.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فإنه وبالرغم من الصعوبات التي واجهتها الولايات المتحدة لاحتواء الفيروس في المدن الكبرى مثل نيويورك، وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة في أعقاب فرض إجراءات الإغلاق الشامل على أكثر من نصف الولايات الأمريكية، إلا أن حكومة الولايات المتحدة استجابت سريعا للعواقب الاقتصادية بتوقيع حزمة تحفيز الاقتصاد بقيمة تريليوني دولار وفرضت استراتيجيات التباعد الاجتماعي في سائر أنحاء البلاد.
وتوقعت مؤسستا غولدمان ساكس ومورغان ستانلي الماليتين، بأن تشهد البلاد ركودا اقتصاديا حادا، ستترتب عليه تبعات سلبية غير مسبوقة، وسيعقبه تعاف سريع في الربعين اللاحقين من عام 2020 الجاري، فالاقتصاد الأمريكي يمتلك من المقومات ما يتيح له التعافي من الصدمات الكبرى والتقلبات طويلة المدى قبل غيره.
وتفرض الحكومة الأمريكية قيودا أخف نسبيا على سوق العمالة لتسهيل انتقال العاملين من مكان لآخر، وسط أزمة تفشي فيروس كورونا، ولا يزال المجلس الاحتياطي الفيدرالي أكثر قدرة على إصدار سياسات مالية توسعية لمجابهة الانكماش الاقتصادي، مقارنة بسائر البنوك المركزية حول العالم.
كذلك حققت رواندا تقدما كبيرا في وضع قواعد وأطر تنظيمية لإدارة الشركات والرقابة عليها، وتعد رواندا أكثر قدرة من غيرها على استعادة عافيتها والتخلص من آثار كورونا الاقتصادية السيئة، بالنظر إلى خبرتها السابقة في احتواء إيبولا بنجاح بعد أن تفشى من جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة في عام 2019.
وستساهم الإجراءات التي اتخذتها البلاد في السيطرة على الأوضاع خلال الأزمة، مثل وجود نظام شامل للرعاية الصحية، وتخصيص طائرات مسيرة لتوصيل الإمدادات الطبية، وتجهيز النقاط الحدودية بأجهزة لقياس درجة حرارة الجسم.
فيما يتعلق بنيوزيلندا، فإن استجابة البلاد للوباء كانت جريئة وحاسمة حتى أن مراقبون يتوقعون أن تكون نيوزيلندا من الدول الأقل تأثرا من تداعيات الوباء بفضل التدابير الاحترازية المبكرة لاحتواء فيروس كورونا، من إغلاق الحدود أمام المسافرين وإغلاق المتاجر غير الضرورية.
وبينما يواجه الاقتصاد النيوزيلندي بعض العثرات، بسبب توقف السياحة والتصدير، فإن انخفاض مستويات الدين الحكومي في نيوزيلندا وقدرتها على فرض السياسات النقدية التي تمكنها من تخفيض معدلات الفائدة، سيمهدان لها الطريق لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والتعافي سريعا من آثار كورونا الاقتصادية.
بشكل عام، فإن البلدان القادرة على التعافي السريع من وطأة آثار كورونا الاقتصادية، هي التي تتخذ خطط فعالة على المدى القريب والبعيد للحد من ظاهرة الانكماش الاقتصادي التي سببها تفشي فيروس كورونا.
ما آثار كورونا الاقتصادية على جورجيا؟
يتوقع أن تتوقف عجلة النمو الاقتصادي في جورجيا والعالم خلال عام 2020، ولن تكون جورجيا قادرة على مواصلة وتيرة النمو في العام الجاري وهذا ليس بالأمر الغريب في ظل الأزمة الراهنة.
أما التحدي الأبرز أمام جورجيا هو استعادة وتيرة نمو الاقتصاد والتخلص من آثار كورونا الاقتصادية وتحقيق الانتعاش في أسرع وقت ممكن عقب انتهاء الأزمة، وذلك كله يعتمد على الإجراءات التي تتخذها البلاد للحد من الانكماش الاقتصادي، والسياسات القائمة أصلا في القطاع الاقتصادي.
بهذا الصدد، أكد بنك التنمية الآسيوي قدرة اقتصاد جوروجيا على التعافي سريعا من آثار كورونا الاقتصادية، وتوقع أن تبلغ نسبة النمو خلال العام القادم 2021، نحو 4.5٪.
وحسب تقرير نشرته مجلة “فوربس جورجيا” فإن الأزمة الاقتصادية الحالية قد تمثل فرصة ذهبية لاقتصاد جورجيا في السنوات القادمة، نظرا لسياسة البلاد في جذب الاستثمارات ودعمها، والتي قللت من المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا.
وأوضح التقرير أن سياسات بعض الدول في فرض لوائح خاصة على سحب رأس المال ، وإعادة الأرباح ، وما إلى ذلك خلال هذه الأزمة ستؤدي حتما إلى تفاقم الأوضاع سوءا وانخفاض جاذبية الاستثمار في هذه الدول بعد انتهاء كورونا، بينما ستزيد جاذبية البلدان المفتوحة والشفافة والديمقراطية لكل من المستثمرين والمانحين الدوليين، وفي هذه الحالة، تُمنح جورجيا فرصة لتبدو أكثر تنافسية من العديد من البلدان الأخرى إذا تمكنت من تلبية معايير منفتحة وديمقراطية.
مجلة فوربس: لماذا يريد الأمريكيون توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع جورجيا؟
وتتمتع جوروجيا باتفاقيات تجارة حرة مع كبرى الأسواق، وهي واحدة من بين 7 بلدان فقط تربطها اتفاقيات تجارة حرة مع الصين والاتحاد الأوروبي في نفس الوقت، وهي أيسلندا وشيلي وبيرو وسنغافورة وكوريا الجنوبية وسويسرا، وبالنظر إلى الموقع الجغرافي وسهولة ممارسة الأعمال فإن جورجيا الأفضل بلا منازع بين تلك الدول لكسب أسواق جديدة وتخطي آثار كورونا الاقتصادية بسرعة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن جورجيا لديها اتفاقيات تجارة حرة مع تركيا وهونج كونج ودول الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة، وستلعب المؤسسات المالية مثل البنك الدولي ، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير ، وبنك التنمية الآسيوي الدور الأهم في جذب الاستثمارات.
وشدد التقرير على ضرورة إشراك المؤسسات المالية الدولية في إصدار الأوراق المالية للقطاع الخاص، كما يجب أن تكون هذه الأداة متاحة ليس فقط للبنوك، فهي تجري بالفعل مثل هذه المعاملات، ولكن أيضًا لأنواع أخرى من الشركات – على سبيل المثال شركات البناء، الطاقة ، والتجارة والسياحة.
المصدر : هلا جورجيا - وكالات