تاريخ

تاريخ مدينة تبليسي الحقيقي أقدم بـ 55 قرنا من أسطورة جورجاسالي وصقره.. القصة الكاملة

تقول الواقعة التاريخية المشهورة حول مدينة تبليسي ، إن عمر المدينة يبلغ 1500 عام، لكن المؤرخين يعترضون بشدة على هذا الرقم قائلين “إن عمر تبليسي 1500 عام كعاصمة وليس مدينة”.

تشير الرواية الشائعة إلى أن ملك مملكة إيبيريا (جورجيا الشرقية) فاختانغ الأول جورجاسالي في القرن الخامس، ذهب في رحلة صيد مع صقر، وأثناء الرحلة فقد الملك طائره وبعد عملية بحث طويلة وسط الغابات والجبال، وجد الجنود الصقر مع طريدته في بركة ماء يغلي وحولها عيون ماء حارة وسط منطقة محاطة بالجبال.

تضاريس المنطقة كانت مناسبة لبناء مدينة محصنة وهذا ما جعل الملك يقرر نقل عاصمة جورجيا الشرقية من متسخيتا إلى منطقة الينابيع الحارة، وهو ما تحقق بالفعل في عهد خليفته داشي الأول اوجارجيلي، حيث قام بنقل العاصمة وفقا لإرادة والده إلى مدينة تبليسي .

تاريخ مدينة تبليسي الحقيقي أقدم بـ 55 قرنا من أسطورة جورجاسالي وصقره.. القصة الكاملة 1

حسب هذه الرواية فإن تبليسي تعد عاصمة جورجيا منذ 1500 عام، لكنها لا تثبت إطلاقا أن ذلك العمر الحقيقي لتبليسي كمدينة، ويؤكد العديد من المؤرخين أن الرواية سلبت الكثير من تاريخ المدينة.

مدينة تبليسي قبل القرن الخامس

يقول المؤرخ جابا ساموشيا، أن الروايات الشعبية مقنعة لدرجة أنه لا يزال هناك صورة نمطية في المجتمع حتى اليوم ترى أن الملك فاختانج جورجاسالي هو من أسس مدينة تبليسي، وفي الواقع فإن المساهمة التي قدمها جورجاسالي هي أنه نقل العاصمة من متسخيتا إلى هذه المدينة القديمة.

وأضاف ساموشيا أن “الآثار والمصادر التاريخية تؤكد أن تبليسي كمدينة كانت موجودة قبل أن يصل إليها الملك جورجاسالي، وتشير “مخطوطات كارتلي” إلى أن المدينة كانت موجودة قبل جورجاسالي بـ 150 عاما على الأقل.

كما أكد وجود حفريات تاريخية تعود إلى العصر الحجري والإنسان البدائي في المدينة، والتي عُثر عليها في منطقتي سابورتالو، وأوكروكانا، وأشار إلى المعبد الأثري الذي تم تشييده على جبل ماخاتا في العصور القديمة، والذي شيد في موقعه الآن كاتدرائية ساميبا العظيمة التل تطل على مدينة تبليسي بأكملها من الضفة الأخرى.

وتابع ساموشيا قائلا “خلال فترة العصر الحجري الحديث كانت هناك عدة أنواع مختلفة من المستوطنات في المدينة، ومن الواضح في جورجيا أنه في العصر الحجري كان هناك مستوطنات يقطنها الآلاف من الناس.

كذلك تم العثور على آثار لمستوطنات عاشت في المدينة خلال العصر البرونزي (القرن الثالث قبل الميلاد)، والعصر الحديدي (الألفية الأولى قبل الميلاد)، وفي تلك العصور القديمة كان في المنطقة معملا لإنتاج النبيذ، بل وحمامات كبريتية أيضًا أقدم من حمامات جورجاسالي.

أيضا أساسات كنيسة “شهداء سبسطية الأربعون” في حي أبانوتوباني والتي تعود إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين، أي قبل قبل قرنين أو ثلاثة قرون من فاختانغ جورجاسالي، وكانت المدينة تضم أسوارا قبل أن يبدأ جورجاسالي بناء الحصون.

حيث يُثبت عمر الأحجار التي بنيت بها قلعة ناريكالا الأثرية الشهيرة أنها من القرن الثاني أو الثالث الميلادي على الأكثر.

شاهد | لغز الحمامات الكبريتية .. كشف أثري جديد:

مدينة تبليسي بعد القرن الخامس

تحوّلت تبليسي من مدينة مأهولة قبل القرن الخامس أي قبل وصول الملك فاختانغ جورجاسالي، إلى عاصمة في موقع استراتيجي يربط بين الشرق والغرب، في عهد خلفه الملك داشتا الأول، لذلك كانت محط أنظار الجيوش والغزاة خلال القرون الوسطى.

مدينة تبليسي تحت حكم العرب

وتعاقبت على حكم المدينة العديد من الدول فلم تدم طويلا في يد الحكام الجورجيين حتى استولى عليها الفرس عام 626م، وبعد 3 عقود فتحها المسلمون على يد مروان بن محمد عام 735م، في نهاية عصر الدولة الأموية، وخضعت تحت حكمهم دون إراقة دماء.

ظلت تبليسي إمارة إسلامية تحت حكم العرب قرابة الأربعة قرون، عدا الفترة من 764 إلى 853 التي خضعت فيها لحكم الخازار “أوكرانيا حاليا”، قبل أن يعيدها الملك بونغا التركي تحت الولاء العباسي مجددا.

تبليسي عاصمة جورجيا الموحدة

أصبحت تبليسي عاصمة جورجيا الموحدة في عهد الملك دافيد أغماشنبيلي (دافيد الرابع)، وشكلت فترة حكمه منعطفا كبيرا في تاريخ مدينة تبليسي، حيث نجح في إلحاق الهزيمة بالسلاجقة، واستعاد المدينة عام 1122، وجعلها عاصمة لجورجيا بعد أن أخضع معظم أراضي القوقاز لسيطرته، وإبان حكمه أصبحت المدينة أكبر مركز تجاري في القوقاز.

جاء الملك دافيد أغماشنبيلي “دافيد البانئ” كما يسمونه من سلالة باجراتيوني حكام إقليم جورجيا الغربية “كوتايسي حاليا”، لينقل حكمه إلى تبليسي فتكون في عهده عاصمة لكافة أقاليم جورجيا، ويبدأ عصر نهضة ذهبي بدأه دافيد واستكملته حفيدته الملكة تمار خلال القرنين الثاني والثالث عشر ميلاديا.

وفي عام 1238، غزت جيوش جنكيز خان المغولية المنطقة وألحقت دمارا كبيرا بمدينة تبليسي ، وخلال الفترة ما بين القرنين الـ 16 والـ 18 وقعت المدينة ضحية النزاعات بين الدول العثمانية والروسية والفارسية، حتى ضمتها الإمبراطورية الروسية إليها عام 1800، وبعد 3 سنوات فقط من استقلالها عن الإمبراطورية الروسية إبان الثورة البلشفية عام 1918، استولى قادة الثورة بعد تأسيس الاتحاد السوفيتي عليها مجددا عام 1921.

وخلال حكم الاتحاد السوفيتي وحتى بعد استقلال جورجيا عام 1991، شهدت مدينة تبليسي نزاعات مسلحة واضطرابات كثيرة لم تكد تهدأ حتى اندلاع ثورة الورود عام اندلاع ثورة الورود عام 2003.

شاهد | أول وثائقي كامل باللغة العربية عن ثورة الورود في جورجيا:

المصادر : هلا جورجيا - ويكيبيديا

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى