جورجيا مُطالبة بإلغائها إذا أرادت الانضمام للاتحاد الأوروبي.. ما الذي تعنيه “الأوليغارشية”؟
قرر البرلمان الجورجي الثلاثاء 19 سبتمبر/أيلول 2023، عدم تمرير مشروع قانون إزالة الأوليغارشية بعد مناقشته للمرة الثالثة في البرلمان.
في حين أشار حزب الحلم الجورجي الحاكم إلى ضرورة إزالة هذا القانون إذا ما أرادت البلاد الانضمام للاتحاد الأوروبي، كونه من البنود الأساسية التي وضعها الاتحاد بشأن عضوية جورجيا، فما الذي تعنيه الأوليغارشية؟
ما الذي تعنيه الأوليغارشية؟
الأوليغارشية أو كما يطلق عليها أحياناً الأوليغاركية أو حكم الأقلية، تكون فيه البلاد تحت سيطرة مجموعة صغيرة من الناس، يتم اختيارهم أو يفرضون أنفسهم بناء على معايير تميزهم عن غيرهم من المواطنين، مثل التعليم والتكوين أو السجل العسكري أو الوضع الاجتماعي أو الدين أو الثروة.
وغالباً ما تكون الأنظمة والدول الأوليغارشية مسيطر عليها من قبل عائلات نافذة معدودة تورث النفوذ والقوة من جيل لآخر.
وقد كان أفلاطون هو أول من أشار إلى حكم الأوليغارشية وذلك في كتابه “الجمهورية” حيث قسم أنظمة الحكم إلى:
الدولة المثالية “جمهوريته”ثم الدولة “الديمقراطية” ثم الأوليغارشية.
ثم عاد في كتابه “السياسة” وقدم تقسيماً أنضج وأوضح هو من ستة أنواع: ثلاثة منها تتقيد وتحترم القانون، وثلاثة لا تلتزم بالقانون ومنها حكم الأوليغارشية.
وجاء أرسطو بعد أفلاطون وقدم مزيداً من التفاصيل لمواصفات حكم القلة فقال أنها تشترط نصاباً مالياً معيناً في الذي يتمتع بصفة المواطن.
وأضاف أرسطو أن نوع الحكم يتوقف على الثروة والملكية، ويتوقف مدى اتساع الحكومة الأوليغارشية على مدى اتساع طبقة أصحاب الأملاك.
وبهذا يكون أرسطو قد مهّد لاستخدام هذا المصطلح كمرادف لحكم الأثرياء أو البلوتوقراطية، إلا أن الأوليغارشية لا تعني دائماً حكم القلة الأثرياء، وإنما هي مصطلح أوسع يشمل أيضاً أي ميزة أخرى غير الثراء.
وفي رأي أرسطو أن الأوليغارشية تنتهي دائماً بحكم الطغيان وتصبح مشكلتها الرئيسية هي الاستئثار بالسلطة.
ويستخدم هذا التعبير في العصر الحديث لوصف الحكومات التي تعتمد على نفوذ أجنبي، أو التي ليس لها رصيد جماهيري بحيث تعتمد على دوائر التأثير في السلطة مثل رجال المال أو الصناعة.
مثال آخر عن الأوليغارشية نراه في الاتحاد السوفياتي السابق حيث تم السماح فقط لأعضاء الحزب الشيوعي في التصويت أو شغل المناصب.
ويستطيع الأوليغارشيون أن يتحكموا بجميع أنواع الحكومات كالديمقراطية والدينية والملكية.
ولا يمنع وجود دستور أو قانون مشابه آخر من حيازة الأوليغارشية الحكم والسلطة، ففي ظل “قانونها النظري الثابت”، تتطور جميع الأنظمة السياسة في النهاية إلى أنظمة أوليغارشية؛ في الحكومات الديمقراطية، يستغل الأوليغارشيون ثروتهم للتأثير في المسؤولين المنتخَبين، أما في الأنظمة الملكية، فيستفيد الأوليغارشيون من نفوذهم العسكري أو ثروتهم للتأثير في الملك أو الملكة.
عموماً، يعمل قادة الأوليغارشيين على بناء قوتهم وسلطتهم دون أي اعتبار لحاجات المجتمع.
وعلى الرغم من أن الأوليغارشيين يتعرضون كثيراً للنقد، فإن هناك جانب مشرق لوجودهم، إذ غالباً ما يعمل الأوليغارشيون بكفاءة عندما تُوضَع السلطة في أشخاص تمكنهم خبراتهم الواسعة ومهاراتهم من اتخاذ القرارات وتطبيقها بسرعة.
بهذه الطريقة يتسم الأوليغارشيون بالفعالية والكفاءة ويتفوقون في ذلك على الأنظمة الحاكمة التي يتعين فيها على كثير من الناس أن يتخذوا أغلب القرارات في جميع الحالات والمواقف.
الفرق بين الأوليغارشية والبلوتوقراطية
غالبًا ما يخلط الناس بين مصطلحي الأوليغارشية (حكم الأقلية) والبلوتوقراطية (حكم الأغنياء أو الطبقة الغنية)؛ فقادة البلوتوقراطية دائماً ما يكونون أثرياء، في حين لا يحتاج قادة الأوليغارشيين إلى الثراء ليهيمنوا على القوة والسلطة.
ونستنتج بذلك أن البلوتوقراطيين دائماً أوليغارشيون، في حين أن الأوليغارشيين ليسوا دائماً بلوتوقراطيين.
ماذا عن الأوليغارشية في روسيا؟
الأوليغارشية الروسية هم الأوليغارك من رجال الأعمال في الجمهوريات السوفيتية السابقة الذين حصلوا على الثروة بسرعة خلال عصر الخصخصة الروسية في أعقاب تفكك الاتحاد السوفياتي في التسعينيات.
تركت الدولة السوفيتية الفاشلة ملكية أصول الدولة المتنازع عليها، مما سمح بإجراء صفقات غير رسمية مع مسؤولي الاتحاد السوفياتي السابقين كوسيلة للحصول على ممتلكات الدولة.
ولربما يكون رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش، صاحب نادي تشيلسي لكرة القدم السابق، أشهر الأوليغارشية في العالم.
وتقدر ثروة أبراموفيتش بنحو 14.3 مليار دولار، ويعتقد أنه جمعها من خلال بيع أصول كانت مملوكة سابقا للدولة الروسية، والتي حصل عليها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وفقاً لما ذكرته شبكة BBC البريطانية.
وهناك شخص آخر يعد من أبرز الأوليغارشية وهو ألكسندر ليبيديف، المصرفي والضابط السابق في المخابرات السوفيتية، وقد كان ابنه يفغيني مالكا لصحيفة إيفنينغ ستاندرد اللندنية، ويحمل يفغيني الجنسية البريطانية، وقد عُيِّن عضوا في مجلس اللوردات.
وتعتبر إزالة الأوليغارشية في البلاد بنداً أساسياً من بين 12 بنداً وضعتهم المفوضية الأوروبية لجورجيا من أجل السماح لها للحصول على وضعية مرشح في الاتحاد الأوروبي.